الذي يظهر لي أن القرض لا يملك إلا بالقبض.
تعليل ذلك: ذكر بعض الفقهاء تعليلاً لطيفاً جداً: وهو قوله: أن القرض عقد يشتمل على معنى المعاوضة والتبرع. فهو معاوضة لأنه سيأخذ بدله وهو تبرع لأنه إرفاق بالمقترض. إلا أن جانب الإرفاق والتبرع فيه يغلب جانب المعاوضة.
وإذا كان جانب التبرع به يغلب جانب [[المعاوضة]] فمن المعلوم أن الاشياء المتبرع بها كالهدية والصدقة والهبة لا تملك إلا بالقبض.
وهو في الحقيقة تعليل فقهي عميق من وجة نظري.
فالأقرب إن شاء الله أنه لا يملك إلا بالقبض ولا يملك قبل ذلك ولو تم العقد.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فلا يلزم رد عينه.
هذه المسألة مبنية على المسألة السابقة.
يعني: فإذا كان الملك يتم بالقبض فإنه بعد ذلك لا يملك طلب بعين القرض. لأنه أصبح مملوكاً لمن؟ للمقترض.
ولأن عقد القرض لازم للمقرض. جائز من جهة المقترض. عكس ما قد يتصوره بعض الناس.
صورة المسألة: إذا أقرض زيد عمرو ألف ريال. متى يملك عمرو الألف؟ إذا قبضه.
فإذا قبض عمرو الألف وأصبحت بيده مقبوضة فإن زيد لا يملك الرجوع في القرض. فلو قال: رجعت في القرض. يعني: في عين القرض فإنه لا يملك. وإنما له البدل.
فهذا عين المال المملوكة المقبوضة للمقترض لا يملك المقرض إلزامه بردها بل يملك البدل كما سيأتينا فقط. فهو من هذه الجهة ملزم لا يستطيع أن يرجع المقرض.
لكنه جائز للمقترض فلو قال المقترض: إذا أردت أن ترجع في القرض فهذا عين مبلغك.
قد لا يظهر ثمرة كبيرة للخلاف إذا كان القرض مبالغ نقدية لكن يظهر الفرق الكبير لو كان القرض على أعيان لها قيم مالية فإن الأعيان تختلف فبعضها أجود من بعض.
فلو أراد المقرض أن يرجع فللمقترض أن يقول: لا. لك البدل.
- ثم قال - رحمه الله -: مكملاً لهذا الحكم.
- بل يثبت بدله.
إذاً إذا اقترض الإنسان شيئاً فإن الذي يثبت في ذمته: بدل القرض. وسيأتينا بالتفصيل في كلام المؤلف - رحمه الله - ماذا يرد المقترض؟
- ثم قال - رحمه الله -:
- في ذمته حالاً ولو أجله.
= ذهب كثير من الفقهاء - الجمهور: إلى أن الدين يقع حالاً ولو أجل في العقد. وذكروا أيضاً أنه يقع حالاً ولو سلم أقساطاً. وهذا عجيب.