للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحنابلة يرون أنه إذا احتاج إلى أن يتيمم عن عضو من الأعضاء لوجود جرح أو نحوه فإنه يلزمه في هذه الصورة الترتيب والموالاة فإذا كان الجرح في اليد فيجب بعد غسل الوجه أن يتيمم ثم ينتقل إلى مسح الرأس فيرتب ويلزمه أيضاً الموالاة بحيث لا يؤخر التيمم عن العضو المجروح إلى أن ينشف العضو الذي غسل قبله.

والقول الثاني في هذه المسألة أنه لا يلزمه لا الترتيب ولا الموالاة. بل يؤخر التيمم إلى نهاية الوضوء بل ذهب شيخ الاسلام إلى أن التيمم في وسط الوضوء بدعة لا أصل له.

وهذا القول هو الراجح لأن في القول الأول شدة وحرج على المسلم المجروح الذي يريد أن يتيمم ولأنه لم ينقل عن السلف أنهم كانوا يتيممون في وسط الوضوء مع وجود الجراح في أجسامهم.

إذاً هذه مسألة تحلق بهذا الموضع.

ثم ننتقل إلى الموضع الذي توقفنا عنده.

• قال - رحمه الله -:

ويجب التيمم: بتراب طهور غير محترق له غُبار.

بدء المؤلف - رحمه الله - تعالى بالكلام عن شروط ما يتيمم به وهو التراب فقال:

ويجب التيمم: بتراب.

يرى الحنابلة أنه لا يصح التيمم إلا بالتراب دون غيره من بقية أجزاء الأرض فلا يصح التيمم على الرمل ولا على الحصى مثلاً إنما يصح التيمم فقط بالتراب ويستدل الحنابلة على هذا القول بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً. فخص التراب بالتطهير.

القول الثاني أنه يجوز أن يتيمم المسلم بكل ما على سطح الأرض مما هو من جنسها.

واستدلوا بأدلة كثيرة:

أولاً: قوله تعالى: فتيمموا صعيداً طيباً. قال الخليل والزجاج وهما من أئمة اللغة الصعيد كل ما على وجه الأرض. لا يختص بالتراب.

والدليل الثاني: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما مسلم أدركته الصلاة فليصل فإن عنده مسجده وطهوره وهذا الحديث عام في كل أجزاء الأرض.

الدليل الثالث: من المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يتيمم بالتراب فقط ففي أسفاره كان يمر بالرمال وفي الغالب سيتيمم منها ولم ينقل أنه يحمل معه التراب.

وأما الحديث الذي استدل به الحنابلة فإنه صحيح ولكن لا دليل فيه لأن ذكر بعض أفراد العام بحكم لا يعني تخصيصه إذا ذكر بحكم يوافق حكم العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>