الدرس: (٢٢) من البيع
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تقدم معنا الكلام عن القرض الذي جر نفعاً والأدلة التي تدل على تحريم القرض الذي جر نفعاً وأنه من ربا القروض. وكما هي عادة الفقهاء يقررون الحكم ثم يذكرون ما يستثنى من هذا الحكم فذكر المؤلف - رحمه الله - مسائل تستثنى من هذا الحكم.
- يقول - رحمه الله -:
- وإن بدأ به بلا شرط أو أعطاه أجود أو هدية بعد الوفاء: جاز.
هذه ثلاث مسائل:
- المسألة الأولى: أن يبدأ بإعطاء النفع بلا شرط.
- والثانية: أن يقضيه خير مما اعطاه بلا شرط.
- الثالثة: أن يهديه.
دل كلام المؤلف - رحمه الله - أنه إذا أعطاه النفع أو الهدية أو رد أجود مما اقترض فإنه جائز بشرطين:
ـ الشرط الأول: أن يكون بعد الوفاء.
ـ والشرط الثاني: أن يكون بلا شرط.
فإذا أعطاه هذه الأمور بلا شرط وبعد الوفاء: جاز بلا إشكال.
الدليل على ذلك:
- أن إعطاء المقرض هذه الأمور بعد الوفاء لم تصبح بسبب القرض. بل صارت إعطاء مبتدأ به. والمحرم هو ما يأخذه المقرض بسبب القرض.
ثم لما بين المؤلف - رحمه الله - حكم الإعطاء والإهداء والنفع بين إذا تبرع لمقرضه قبل وفائه: يعني: لما بين حكم هذه الأشياء بعد الوفاء أراد أن يبين تفصيل حكم هذه الأشياء قبل الوفاء.
ذكرت لكم أن الدليل أن إعطاء هذه الأشياء بعد القرض يصبح ليس سببه القرض وتعرفون الدليل الثاني ذكرناه لكم في الدرس السابق وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقترض بكراً ورد رباعياً خياراً وقال: (خيركم أحسنكم قضاء). فهذا دليل على أن ((القضاء)) بعد الوفاء لا إشكال فيه.
إذاً دل على هذا دليل من التعليل وهو دليل مهم ومفيد لأنه ((يكشف)) مسائل أخرى ودليل من السنة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجر عادته به: لم يجز.
إذا أعطاه هدية أو نفعاً قبل الوفاء فينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: أن لا تكون العادة بينهما جرت بالتهادي. فحينئذ يصبح محرماً ويدخل في الحكم السابق وهو ربا القروض.
- القسم الثاني: أن تكون العادة جرت بينهما بالإهداء والتبادل فهو جائز ولا حرج فيه.
استدل الحنابلة على هذا التفصيل:
- بحديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أجاز التهادي بينهما إذا جرت العادة بذلك.