للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الحديث إسناده ضعيف. ولكن معناه صحيح. والذي دل على صحة معناه أن الصحابة أفتوا بمقتضاه.

وتقدم معنا أن إفتاء الصحابة بمقتضى دليل شرعي وإن لم يجعله بمنزلة المرفوع إلا أنه يقويه ويجعل الاستدلال به مقبولاً إذا انضاف إلى هذه الفتاوى.

- ثم قال - رحمه الله -:

- إلاّ أن ينوي مكافأته أو احتسابه من دينه.

هذا استثناء من الاستثناء. يعني: لا يجوز للمقترض أن يدفع للمقرض هدية قبل الوفاء إذا لم تجر العادة بينهما إلا إذا نوى أن يحتسبه من دينه أو أن يكافأة عليه وقد نص الإمام أحمد - رحمه الله - على هاتين المسألتين. يعني: على جوزا الأخذ. إذا نوى أن يحتسبها من الدين أو أن يكافأه عنها.

والدليل على هذا الاستثناء:

- فتاوى الصحابة. فقد نقل عن أكثر من صحابي - رضي الله عنهم - أنهم أفتوا من أخذ هدية ممن أقرضه لم تجر العادة بينهما به أن يحتسبه من الدين.

فإذا اقترض منه عشرة آلاف وأهداه هدية قيمتها خمسة آلاف صار القرض: خمسة آلاف.

وإذا اقترض منه عشرة آلاف وأعطاه هدية بمبلغ خمسة آلاف ولم يرد أن يحسمها من الدين فأعطاه هدية بخمسة آلاف فكذلك أيضاً هو جائز.

* * مسألة/ إذا قلنا بجوز أخذ الهدية التي لم تجر العادة بها مع نية احتسابه من الدين أو المكافأة: فهل الأفضل مع الجواز أن يأخذ أو أن لا يأخذ؟

الجواب: أنه لا يوجد قاعدة عامة لهذه المسألة. فكونه يأخذ أو لا يأخذ هذا يخضع لملابسات الأحوال، وطبيعة العلاقة بين المقرض والمقترض، والمقصود من الهدية ... إلى آخره. فأحياناً يرى الإنسان أنه من الأنسب أن يقبل ويكافيء. وأحياناً يرى من الأنسب أن لا يقبل مطلقاً.

* * مسألة/ إذا قبل بنية المكافأة أو احتسابه من الدين: فهل الأفضل أن يحتسبه من الدين أو أن يكافيء؟

هذه المسألة تشبه المسألة السابقة وهي أنها تخضع للملابسات والأحوال إلا أني أقول: أن الغالب أن المكافأة خير من خصمها من الدين. لأن في خصم الهدية المهداة من الدين غضاضة على المقترض واضحة بينما المكافأة وإهدائه هدية أخرى قد لا يجد ىمقترض في نفسه غضاضة من قبول الهدية ممن استقرض منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>