إذا اقترض زيد من عمرو خمسة آصع من القمح في الرياض ثم طلبها منه في مكة: فنحن قررنا الآن أنه لا يجب على المقترض أن يوفي هذه الآصع في مكة لأن لحملها مؤونة. كن يجب عليه أن يعطي المقرض قيمة هذه الخمسة آصع ويشترط لهذا الوجوب أن تكون قيمة هذه الخمسة آصع في بلد المقرض ليست أكثر من قيمتها في بلد الإداء.
فإن كانت القيمة في بلد القرض أكثر من قيمتها في بلد الأداء فالواجب عليه أن يعطيه القيمة يشتري بها القرض.
صورة المسألة/ إنسان - كما قلت - اقترض خمسة آصع في الرياض قيمتها مائة ريال فطالبه بها في مكة وقيمتها في مكة خمسون ريالاً فالآن يجب على المقترض أن يدفع القيمة في بلد القرض أو في بلد السداد؟ في بلد السداد. لماذا؟ لأن في بلد السداد أرخص فيذهب ويشتري بخمسين ريالاً خمسة آصع ويسدد. بدل أن يعطيه مائة ريال.
فإذا كانت قيمة الآصع في الرياض مائة ريال وقيمتها في مكة مائة وخمسين ريالاً: فالواجب عليه كم؟ مائة ريال. وهي قيمة القرض في بلد القرض لا في بلد الأداء.
وإذا فهمت المثال فستفهم أن قول المؤلف - رحمه الله - هنا:(إلا أن تكون ببلد القرض أنقص) خطأ لأنها إذا كانت في بلد القرض أنقص فهو من مصلحة المقترض.
ولعل صواب العبارة وكأنه سيكتب المؤلف - رحمه الله -: إن كانت في بلد القرض أنقص. بدون النفي.
على كل حال بغض النظر عن عبارة المؤلف عرفنا الآن الحكم.
إذاً: يتلخص الحكم: - في أنه إذا طلبه قرضاً لحمله مؤونة: فإنه لا يجب عليه أن يوفي ويجب عليه أن يعطي القيمة: ـ إن كانت القيمة في بلد القرض أنقص. أو بعبارة أوضح:(إن لم تكن في بلد القرض أكثر). فإن كانت أكثر فإنه لا يلزمه قيمة ويلزمه القيمة في بلد السداد. هذا ما يتعلق بالسداد. ومن المعلوم كما أشرت مراراً أن غالب القروض الآن من الأثمان ليست مما لحمله مؤونة. وهذا التفصيل إنما هو فيما لحمله مؤونة فقط.
وبهذا انتهينا من باب القرض وننتقل إلى باب الرهن.
وقبل أن ننتقل إلى باب الرهن أريد أن أشير إلى أن القرض ينقسم إلى قسمين من حيثية غير الحيثيات التي ذكرنا تقسيمها الآن: وهذا التقسيم مفيد ليتصور بعض الأحكام: