وانتم تعلمون أن الرهن عقد مضاف لعقد البيع. - الرهن عقد آخر مع عقد البيع. فهو عقد يحتاج إلى إيجلب وقبول وشروط وعاقدان ... إلى آخره.
فعقد الرهن مع عقد البيع الذي يسبب الحق جائز. وهو جائز باتفاق الأئمة الأربعة.
- قال - رحمه الله -:
- وبعده.
يعني: ويجوز عقد الرهن بعد الحق - بعد ثبوت الحق.
وصورته/ أن يبيع عليه بيتاً ثمن مؤجل ثم بعد ثبوت الثمن في ذمة المشتري يقول البائع وأريد رهناً بهذا البيت.
فهذا الرهن تم بعد العقد أو مع العقد؟
بعد العقد. يعني: بعد ثبوت الحق في ذمة المدين وهذا جائز بالإجماع بل هو المقصود من الرهن.
ودليل جواز مع الإجماع:
- أن قيمة المؤجل أصبحت ثابتة في ذمة المدين وإذا كانت ثابتة في ذمة المدين احتاجت إلى توثقة بالرهن.
وأنا أريد أن تنتبهوا إلى هذا التعليل حتى تفهموا المقصود من الرهن.
إذاً إذا أخذ رهنا بعد ثبوت الحق يعني: بعد وقوع العقد فهو جائز بالإجماع. لأنه بعد العقد أصبح الثمن ثابتاً في ذمة المدين فأصبح يحتاج إلى توثقة.
وظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أنه لا يجوز عقد الرهن قبل ثبوت الحق أي قبل إجراء العقد لأنه يقول: (مع الحق وبعده) ولم يقل: (وقبله). وهذا:
= مذهب الحنابلة: أن عقد الرهن لا يصح قبل ثبوت الحق.
واستدلوا على هذا:
- بأن الرهن يقصد منه الاستيثاق من الدين ولا دين هنا.
= والقول الثاني: صحة وقوع الرهن قبل ثبوت الحق. يعني: قبل وقوع العقد.
واستدلوا على هذا:
- بالقياس على الضمان. لأن الضمان يكون قبل ثبوت الحق في ذمة المدين.
- واستدلوا على هذا: بأن الأصل في المعاملات الحل.
- واستدلوا على هذا أيضاً: بأنه لا ضرر من إثبات الرهن قبل الحق فإن وجد الحق نفع الرهن وإن لم يوجد الحق لم يضر الرهن.
وهذا القول الثاني هو الراجح. على أن هذه المسألة لا تكاد تقع في الواقع. لأنه لا حاجة إليها.
وإذا كان البائع يريد الاستيثاق التام فيجعل الرهن مع الحق. فإذاً لا حاجة ماسة لإيقاع الرهن قبل العقد.
لما بين المؤلف - رحمه الله - الأعيان التي يجوز أن تجعل رهناً انتقل لبيان الديون التي يجوز أن نأخذ عليها رهناً: أو بعبارة أدق: (الحقوق التي يجوز أن نأخذ عليها رهناً).