ففي الحقيقة في المسألة نوع من الإشكال بالنسبة لي ولا يظهر لي رجحان قول من الأقوال رجحاناً بيناً إلا أن هذه المسألة والحاجة إليها خفت في زماننا هذا. فبإمكاننا أن نرجح القول الثاني الذي يجعل الرهن لازماً بمجرد العقد.
لماذا؟
لأنه في هذه الأيام أصبح التوثيق في الأوراق فبمجرد ما يختم على الصك أصبح مرهونا بقي البيت في يد المدين أو لم يبق انتقل أو لم ينتقل وبمجرد ما ترهن السيارة تصبح مرهونة أين ما كانت السيارة في يد الدائن أو المدين وبهذا صارت فائدة قليلة بالنسبة لوقتنا هذا.
وإذا أمكن توثيق الدين بلا انتقال العين إلى المرتهن يعني مع بقاء العين في يد الراهن وانتفاعه منها فهذا لاشك أرجح لأنه يتحقق الاستيثاق من الرهن ويتحقق أيضاً بقاء الرهن في يد الراهن: يعني: المدين.
ولذلك نحن نقول: الراجح إن شاء الله في وقتنا هذا القول الثاني.
أما من حيث أصل المسألة بدون النظر إلى ملابسات الواقع المعاصر ففيها إشكال وقول الجمهور وجيه وهو أرجح عندي لكن كما قلت لكم رجحانه ليس رجحاناً بيناً.
- ثم قال - رحمه الله -:
- واستدامته شرط.
يعني: من شروط اللزوم استدامت القبض.
- لأنهم قالوا: نقيس الاستدامة على الابتداء فإذا كان الابتداء لابد فيه من القبض فالاستدامة لابد فيها من القبض.
وبه علمت أن هذه المسألة مبنية على المسألة السابقة. فما ترجح في تلك المسألة فرجحه في هذه المسألة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن أخرجه إلى الراهن باختياره: زال لزومه.
(فإن أخرجه) يعني: فإن أخرج المرتهن الرهن إلى الراهن باختياره زال لزومه.
- لأن علة اللزوم عند الحنابلة القبض فإذا زال القبض باختيار المرتهن زال اللزوم تبعاً له.
وبعد ذلك يجوز للراهن أن يفسخ العقد وأن يتصرف في العين المرهونة كيف شاء.
وعلكنا من قول المؤلف - رحمه الله - هنا: (باختياره) أنه لو زال الرهن بغير اختياره فإنه يبقى لازماً ولا ينفك ولو زال عن يد المرتهن فهي عين مرهونة.