ولذلك أنا أرى أن الراجح القول الأول وهو مذهب الحنابلة وأنه للضامن أن يطالب من التركة بما سدده عن الميت وهذا من مكافأته على إحسانه ولا نقول للدائن ليس له أن يطالب أصحاب التركة بل نقول له أن يطالب أصحاب التركة وأما الضامن فهو ضمن الدين عن الميت إما بتحقيق مصلحة معينة مثل قصة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لغيرها من المصالح.
المهم أنه محسن ولا نجعل إحسانه سبباً في انتقال الدين من ذمة المدين إلى ذمة الضامن بسبب أنه ضمن رجلاً ميتاً.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن برئت ذمة المضمون عنه: برئ ذمة الضامن.
هذا الحكم بالإجماع. إذا برئت ذمة المضمون عنه وهو المدين الأصلي برئت ذمة الضامن بلا إشكال.
وأما التعليل الفقهي لهذا فهو:
- أن الضامن فرع عن أصل فإذا برئ الأصل أيضاً برئ الفرع.
وهذا صحيح ولا يستقل الفرع بحكم.
- ثم قال - رحمه الله -:
- لا عكسه.
فإذا برئت ذمة الضامن لم تبرأ ذمة المضمون عنه.
لماذا؟
- لأنه إذا سقط الفرع فإنه لا يلزم من ذلك سقوط الأصل. هذا من حيث التعليل.
- ولأن ذمة المدين ما زالت مشغولة لأن الدين لم يقض.
وأما لاصورة براءة الضامن/ فهي الصورة القريبة: أن يقول الدائن سامحتك في الضمان وأسقطته عنك. لأن الضمان من حقوق: الدائن. والإنسان له أن يسقط حقه. فإذا أسقط حقه عن الضامن فيبقى الدين في ذمة المدين الذي هو المضمون عنه.
وهذا معنى قول المؤلف - رحمه الله -: (لا عكسه).
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولا تعتبر معرفة الضامن للمضمون عنه.
- وهذا مذهب الجماهير: فللإنسان أن يضمن شخصاً لا يعرفه مطلقاً ولا يعرف أمانته ولا سداده ولا يعرف عنه أي شيء. وضمانه صحيح ومعتبر شرعاً وتصبح ذمته مشغولة بالدين كما أن ذمة المدين مشغولة بالدين.
واستدل الجمهور على هذا:
- بأنه في حديث أبي قتادة لم يذكر أنه - رضي الله عنه - كان يعرف الميت لأن الميت جاء ملفوفاً ولم يذكر في الحديث أنه - رضي الله عنه - كان يعرف هذا الميت. وضمنه وأقر النبي - صلى الله عليه وسلم - ضمانه.
= والقول الثاني: أنه لا بد من معرفة المضمون عنه - يعني: لابد أن يعرف الضامن الضمون عنه ليرى إن كان أهلاً للضمان أو لا.