للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي القولين أليق بحقيقة الضمان؟

ـ القول: ( .. الأول) لأنه تبرع. لأن هذا العقد من عقود التبرعات وطبيعة عقود التبرعات لا يلزم فيها معرفة المتبرَعْ له. لأنه تبرع. فإذاً: قول الجماهير في هذه المسألة هو الصحيح.

* * مسألة/ لا يشترط رضا المضمون عنه بالإجماع.

فإذا قال شخص: أنا ضمنت فلان فليس له أن يقول: لا أسمح لك أن تضمن لي. فليس له ذلك: بالإجماع: لأن في هذا الضمان توثقة دين بلا مضرة ولا عتب على المدين.

وهنا لا نجد الفقهاء يذكرون مسألة: المنة. لم يذكروا مسألة المنة. إما لأنهم لا يرون أن في الضمان منة أو لم يتبين لي لماذا لم يذكروا مسألة المنة في هذه المسألة - في مسألة أنه لا يشترط رضا المضمون عنه.

- ثم قال - رحمه الله -:

- ولا له.

يعني: ولا يشترط معرفة المضمون له.

وحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - في الدلالة على عدم معرفة المضمون له أقوى أو في الدلالة على عدم معرفة المضمون عنه؟ ـ يظهر لي: له. لأنه لم يذكر من هو الدائن مطلقاًَ في الحديث بينما ربما يكون أبو قتادة يعرف هذا الميت باعتبار أن المدينة صغيرة والأموات فيها يعرفون لكن أن لا يعرف من المضمون له فهذا أقوى في الحديث.

وهذا أيضاً مذهب الجماهير.

= والقول الثاني: أن معرفة المضمون له شرط.

وتعليل ذلك: - أنه لن يتمكن من الوفاء إلا إذا عرف المضمون له.

والراجح القول الأول. فنقول: إذا أجري عقد الضمان وهو لا يعرف الآن المضمون له فالعقد صحيح. ثم بعد ذلك يبحث عن المضمون له. لكن بالعقد عند إنشائه صحيح ولازم وتام وأصبحت ذمته مشغولة.

- ثم قال - رحمه الله -:

- بل رضى الضامن.

الضامن متبرع ونحن نقول أنه لا يمكن أن نأخذ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه فلابد لنأخذ الضمان أو لنوجب الضمان على شخص أن يرضى.

وأنتم تعلمون أن الضمان من العقود التي تؤول للمال. ما معنى تؤول للمال؟ يعني: إذا لم يتمكن الضمون عنه من السداد من الذي سيسدد؟ الضامن.

فإذاً: هو يؤول لمال. فلابد من رضا الضامن وهذا أيضاً محل إجماع.

- ثم قال - رحمه الله -:

- ويصح ضمان المجهول: إذا آل إلى العلم.

وهنا نرى أن الحنابلة توسعوا في الضمان: لا يعرف الضمون عنه ولا المضمون له ولا المضمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>