للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذاً: لا يشترط أن يكون المضمون معلوماً بل يجوز أن تضمن ديناً مجهولاً.

واستدلوا على هذا - الجماهير:

- بالآية: (ولمن جاء به حمل بعير) وحمل البعير مجهول. ووجه الجهالة: أن حمل البعير يختلف باختلاف البعير. فبعضها تحمل حملاً كثيراً وبعضها تحمل حملاً قليلاً.

إذاً: حمل البعير يختلف باختلاف البعير والإبل تختلف اختلافاً كثيراً.

فدلت الآية على أنه لا يشترط أن يكون معلوماً.

لكن اشترط الحنابلة: أن يؤول إلى علم. بأن يسأل عن قدر الدين بعد ذلك. بأن يتمكن الضامن من معرفة قدر الدين. أما أن يضمن ديناً ((لن) (لم)) يتمكن من معرفته فهذا لا يجوز وهو في صميم الغرر والجهالة.

لكن إذا تمكن بعد ذلك من معرفته فهو جائز.

ومن المعلوم أن غالب الديون يتمكن الإنسان من معرفتها بعد إجراء عقد الضمان.

= والقول الثاني: أنه لا يجوز ضمان المجهول مطلقاً.

- لأن ضمان المجهول فيه غرر وجهالة ويفضي إلى النزاع والاختلاف إذا تبين أن الدين قيمته مرتفعة.

- ولأن الضامن قد يضمن ديناً هو لا يستطيع سداده. - الضامن نفسه لا يستطيع سداده.

والراجح: في الحقيقة فيه إشكال.

أصحاب القول الأول معهم الآية والآية ظاهرة في الجهالة. فعلاً حمل البعير غير معلوم مطلقاً ولا نقول: إن جهالته يسيرة لا سيما في القديم لأنه قد يحمل آصع كثيرة وقد يحمل آصع قليلة.

من جهة أخرى من حيث الواقع العملي: إقرار الضمان بالمجهولات أمر يفضي غالباً إلى الشقاق والنزاع الكثير.

ولكن ولله الحمد قد لا نحتاج إلى الترجيح كثيراً في هذه المسألة لأنه قلَّ أن يضمن شخص ديناً لا يعرفه.

- ثم قال - رحمه الله -:

- والعواري والمغصوب والمقبوض بسوم.

هذه الأعيان الثلاثة يجمعها وصف واحد وهي التي يسميها الفقهاء الأعيان المضمونة.

ولذلك كان من الأنسب فيما أرى أن يقول المؤلف - رحمه الله -: (ويضح ضمان الأعيان المضمونة) حتى يشمل ما ذكره وغيره.

فإذا هذه الأشياء تسمى الأعيان المضمونة ويصح أن يضمن الإنسان الأعيان المضمونة.

فإذا ضمن الأعيان المضمونة فهو بالخيار: إما أن يحضر العين أو يحضر قيمة العين إذا تلفت.

لكن نحتاج إلى أن نقف مع الأعيان المضمونة التي مثل بها المؤلف - رحمه الله -:

<<  <  ج: ص:  >  >>