تميز فقهاء الحنابلة بأنهم فرقوا بين الكفالة والضمان وأما في غالب المذاهب الفقهية فالضمان والكفالة شيء واحد لكن الحنابلة فرقوا بينهما.
وجعلوا الضمان يتعلق بالذمة المالية والكفالة تتعلق ببدن المدين.
لذلك نحن نقول تعريف الكفالة عند الحنابلة: هي التزام الرشيد إحضار بدن من عليه دين أو الأعيان المضمونة.
يعني: يلتزم إحضار بدن من عليه دين أو إحضار الأعيان المضمونة.
وهو مشروع وحكي فيه الإجماع.
ودليل المشروعية:
- أن حاجة الناس تمس إليه فإن كثيراً من الناس لا يريد أن يضمن ضماناً مالياً لكن تطيب نفسه بالضمان البدني. فلما صارت حاجة الناس مشتدة إليه أجازه الشارع وإذن به.
ولا يوجد فيما أعلم دليل صحيح يدل على مشروعيته من الكتاب والسنة لكن جميع أدلة الضمان استدل بها الفقهاء على مشروعية الكفالة من حيث أن كلاً منهما عقد توثيق.
ذاك بالمال وهذا بالبدن.
- يقول - رحمه الله -:
- بكل عين مضمونة.
يعني: يجوز الكفالة بكل عين مضمونة.
ونحن الآن تقدم معنى قريباً الأعيان المضمونة. وما هي؟ وذكر بعض الأمثلة لها.
لكن هل مقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله: الأعيان (المضمونة) أو بعبارة: (بكل عين مضمونة) يعني: ببدن كل من يده على العين المضمونة أو بالعين الضمونة نفسها.
هذا فيه خلاف عند الحنابلة:
= فصاحب منتهى الإرادات - كما ترون: يرى أن صواب العبارة: (ببدن من يده على العين المضمونة) وأن الكفالة لا تتعلق بنفس العين المضمونة وإنما تتعلق بالبدن.
= والقول الثاني: أن عبارة المؤلف - رحمه الله - صحيحة وأن الكفالة ترد على بدن المدين وعلى الأعيان المضمونة. فإن استطاع أن يأتي بالعين المضمونة أو يأتي بثمنها إذا تلفت. وبهذا القول الثاني نعلم أن مفهوم الكفالة قربت جداً من مفهوم الضمان.
وإلى هذا القول ذهب عدد من فقهاء الحنابلة وهو أن عبارة المؤلف صحيحة وأنه عليه ان يحضر الأعيان المضمونة نفسها.
وهذا القول أرجح فيما أرى.
وسيأتينا إن شاء الله سبب الرجحان في الدرس القادم والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد ...