للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نبدأ بالقسم الأول: لأنه أقل القسمين أحكاماً وهو واضح.

ـ القسم الأول هو: الصلح على غير جنس الحق.

وصورته/ أن يدعي زيد على عمرو سيارة فيقر له عمرو بها ويصالحه عنها ببيت.

فجنس الحق المدعى به الآن هو: السيارة.

وصالحه على غير جنسها وهو: البيت.

وهذا القسم صحيح بالاتفاق وهو بيع يلزم له ليصح جميع شروط البيع.

والدليل على هذا:

- أن صورة المسألة الحقيقية مبادلة عين بعين. أو معاوضة عين بعين وهذه حقيقة البيع.

ـ القسم الثاني: المصالحة على جنس العين المدعى به وهو الذي ذكره المؤلف:

- فيقول - رحمه الله -:

- إذا أقر له بدين أو عين فأسقط، أو وهب البعض وترك الباقي: صح إن لم يكن شرطاه، وممن لا يصح تبرعه.

(إذا أقر له بدين) يعني: إذا أقر له بدين معلوم. فأسقط حقه: صح. وسيأتينا دليل الصحة.

وحقيقة الإسقاط في الدين: إبراء. هو عقد إبراء.

فالصلح هنا: حقيقته الإبراء.

الثاني: (أو عين) يعني: إذا أقر له بعين وصالحه على بعضها.

كأن يقول: أقر لك بخمسين صاعاً من القمح ويصطلحا على أن للمقر ربعها.

فهذا أيضاً كما سياتينا صحيح.

وحقيقة هذا العقد: أنه عقد هبة.

ومعنى أنه عقد هبة: أنه تشترط فيه شرط الهبة التي ستأتينا في باب الهبة والعطايا.

إذاً حقيقة العقد الأول أنه: إبراء.

وحقيقة العقد الثاني أنه: هبة.

- ثم قال - رحمه الله -:

- فأسقط أو وهب البعض وترك الباقي: صح.

يعني: صح هذا العقد.

والدليل على صحة هذا العقد من النص ومن المعقول:

- أما من النص: فحديث جابر - رضي الله عنه - فإنه ثبت في الصحيح: ان جابر - رضي الله عنه - اشتكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الدين الذي عليه وكان تمراً فطلب النبي - صلى الله عليه وسلم - من غرمائه أن يضعوا عنه فأبوا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجابر: اجعل كل تمر عندك على حدة: أي كل نوع منه على حدة فجعل جابر - رضي الله عنه - العجوة على حدة وعذق زيد على حدة فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في أعلى التمر ثم قال يا جابر: كل للقوم فصار جابر - رحمه الله - يكيل للناس ويقضي الناس كلهم فلما قضى الناس جميعاً نظر فإذا التمر لم ينقص شيئاً. - اللهم صل وسلم على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>