معنى قوله: (وترك شهادة). يعني: ولا يصح أن يصالح على ترك شهادة سواء كانت الشهادة لإثبات حق من حقوق الله أو إثبات حق من حقوق العباد.
صورة المسألة/ أن يقول رجل لمن يشهد عليه: (لا تشهد علي بوجوب الزكاة ولك كذا وكذا). هذا بالنسبة لحق الله.
وبالنسبة لحق العبادة أن يقول: (لا تشهد علي بثبات الدين ولك كذا وكذا).
فهذا الصلح على ترك الشهادة: محرم. لأنه صلح يؤدي إلى محرم. لأن كتم الشهادة التي توصل الحق إلى أصحابه: محرم.
فالصلح على محرم: محرم.
ولذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً).
- يقول - رحمه الله -:
- وتسقط الشفعة والحد.
أي: أن مذهب الحنابلة أنه مع إبطال الصلح على حق الشفعة إلا أنه مع ذلك يسقط حقه في الشفعة لأنه كما تقدم معنا لما صالح تبينا أنه لم يتضرر من المشاركة فسقط حقه في الشفعة.
وهذا مبني على ما تقدم من أن الحنابلة يرون أنه لا يصح الصلح على الشفعة.
= وعلى القول الثاني: الذي تقدم وهو صحة الصلح على الشفعة لا نحتاج إلى مسألة يسقط أو لا يسقط حقه من الشفعة لأنا نصحح الصلح أصلاً.
يقول: (ويسقط الحد). يقصد بالحد هنا: حد القذف.
وفي الحقيقة لو صرح بهذا لكان هو الأحسن والأسلم إذ مقصود الحنابلة بسقوط الحد سقوط حد القذف فقط.
وسقوط حد القذف في هذه المسألة مبني على مسألة أخرى وهي: هل القذف من حقوق الله أو من حقوق الآدمي: أي: من حقوق المقذوف؟
فإن كان من حقوق الله لم يسقط ولو صالح عليه.
وإن كان من حقوق الآدمي: سقط إذا صالح عليه.
لأنا تبينا أنه رضي بالتنازل عن حقه في إقامة حد القذف على قاذفه. والحق إليه، فلما أسقطه سقط.
إذاً: الحنابلة يسقطون الشفعة والحد مع إبطال الصلح. إلا أن الصلح الذي تم صار علامة وقرينة على أن صاحب الشفعة وصاحب الحد تنازلوا عن حقوقهم.
و [ ..... ] بهذا انتهى الكلام عن الصلح وانتقل المؤلف - رحمه الله - ليتكلم عن أحكام الجوار بين الجارين بداية من قوله: (وإن حصل ... إلى آخره).
- قال - رحمه الله -:
- وإن حصل غصن شجرته في هواء غيره أو قراره: أزاله.