عبر المؤلف - رحمه الله - بقوله: (إن حصل). ليشمل ما إذا وجد الغصن بلا فعل من الجار بأن يمتد وينمو إلى أن يصل إلى هواء جاره أو بفعله بأن يوجه الأغصان إلى بيت الجار: فيشمل الجميع.
والغالب أن حصول الأغصان في بيت الجار يكون بغير فعل مالك الشجرة.
فالمؤلف - رحمه الله - يقول: إذا حصل ووجدت الأغصان في بيت الجار فإنه يجب على الجار أن يزيل هذا الضرر بإبعاد الغصن.
والدليل على هذا:
- أن الهواء بالنسبة للجار ملك له ولا يجوز للإنسان أن ينتفع بملك غيره إلا بإذنه.
وظاهر عبارة المؤلف - رحمه الله -: أن الجار صاحب الشجرة لا يجب عليه إزالة الغصن إلا إذا طلب منه جاره ذلك فإن سكت فإنه لا يجب على الجار أن يزيل الغصن ولو تأذى جاره ولو رأى أنه متأذي.
إنما يجب في صورة واحدة ونهي: ما إذا طلب الجار منه ذلك.
والصحيح أن الإنسان إذا رأى أغصان شجرته آذت جاره فإنه يجب عليه وجوباً أن يزيل هذا الضرر ولو بلا طلب من الجار.
- لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بالجار فكيف بالإضرار به.
- وثانياً: لأنه - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا ضرر ولا ضرار). والضرر منفي ويجب أن يرفع ولو بلا طلب من المتضرر.
فالأقرب والله اعلم أنه يجب عليه أن يبادر بإزالة الضرر إذا علم أن الأغصان تضر. وإذا رأى أو ظن أن الأغصان وإن وجدت في بيت جاره فإنها لا تضره فإنه والحالة هذه لا يجب عليه أن يزيل الأغصان إلا بطلب الجار.
والمؤلف - رحمه الله - يقول: (في هواء غيره أو قراره) يعني: إذا امتدت الأغصان في الهواء فوصلت إلى هواء الجار أو دبت على الأرض ووصلت إلى أرض الجار ففي الصورتين يجب عليه وجوباً أن يزيل الضرر إذا طلبه جاره.
وعلى القول الثاني: يجب أن يبادر بإزالة الضرر متى علم بوجوده ولو بلا طلب من الجار.
إذاً: يستوي الأمر بين أن تكون الأغصان في الهواء أو يدب دبيباً على الأرض فالأمر واحد.
المهم أو قاعدة المسألة: أنه لا يجوز الانتفاع بملك الغير إلا بإذنه. سواء كان الهواء أو الأرض.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن أبى: لواه إن أمكن، وإلاّ فله قطعه.
إن أبى: يعني: صاحب الأغصان.
لواه: يعني: صاحب الهواء.
وأرجعه إلى بيت صاحب الشجرة.