ظاهر عبارة المؤلف - رحمه الله - أن الضرر يستثنى في المسألة الثانية والثالثة فقط. إذ لا يتصور الضرر في المسألة الأولى.
فإذا صار في هذا البيع ضرراً على البائع أو ضرراً على المشتري في المسألة الثانية والثالثة فإن البيع لا يصح.
والضرر يتصور جداً في المسألتين:
* * فإذا قال له: بع هذه السلعة مؤجلة وباعها حالة بنفس الثمن ربما دخل الضرر على البائع بسبب أنه لا يريد أن يكون في يده نقود مجتمعة لأنه معتاد على إتلاف النقد فهو يريد أن يبيع مؤجلاً ليأتيه الثمن مقسطاً ويستطيع أن يصرف منه في أطول فترة ممكنة. فهذا فيه مضرة ظاهرة.
فإذا وجدت المضرة فإن البيع لا يصح.
هذا ظاهر كلام المؤلف - رحمه الله -.
= والقول الثاني: أن البيع صحيح. ويضمن الوكيا الاختلاف - ما نقول النقص ولا الزيادة - ولكن نقول الاختلاف.
وتكون هذه المسألة حكمها حكم المسألة السابقة تماماً: إذا اشترى بأكثر مما حدد له أو بأكثر من ثمن المثل.
فالخلاف في تلك المسألة يأتينا في هذه المسألة تماماً.
وهذا القول الثاني - أن حكم هذه المسألة هو حكم المسألة السابقة: هو المذهب.
أي أن الحنابلة لا يبطلون البيع وإنما يعاملونه معاملة المسألة السابقة: يلزمونه بالنقص أو الزيادة أو الاختلاف مع تصحيح العقد.
وهذا القول الثاني هو الصحيح.
وبهذا نكون انتهينا من الفصل الأول من باب الوكالة. ثم ننتقل إلى الفصل الثاني.
فصل
[في ما يلزم الموكل والوكيل]
- قال - رحمه الله -:
- وإن اشترى ما يعلم عيبه: لزمه إن لم يرض موكله.
إذا اشترى الوكيل سلعة يعلم أن فيها عيباً.
فالحكم أن السلعة تلزم هذا الوكيل.
ومعنى أنها تلزم الوكيل: أي لا يستطيع أن يردها عن البائع ولا يستطيع أن يلزم بها الموكل.
أما الرد على البائع: فلا يستطيع أن يفعل ذلك: لأنه اشترى على علم بالعيب. ومن اشترى على علم بالعيب سقط عنه خيار العيب.
ولا يستطيع أن يلزم بها الموكل: لأنه إنما أمره بشراء سلعة سليمة. وهو اشترى سلعة معيبة وهو عالم.
- يقول - رحمه الله -:
- إن لم يرض موكله.
فإن رضي الموكل بالسلعة مع وجود العيب فيها: صح. وصار هو المالك مباشرة. ولا نحتاج أن نجري عقداً آخر - جديد - بين الوكيل والموكل.