واستدلوا بدليل من السنة وهو صحيح ثابت وهو حديث ابن عمر أن الكلاب كانت تدبر وتقبل في المسجد في عهد النبي ‘ ولم يكونوا يغسلون شيئاً من ذلك فعلم أن هذه الكلاب التي تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولا يغسل أثر هذا البول أن المطهر له هو الشمس والريح.
وفي الباب أدلة كثيرة لهذه المسألة.
وهذا القول - الثاني - هو الصواب الذي تدل عليه النصوص الصحيحة.
• قال ’:
ولا استحالة غير الخمرة.
الحنابلة يرون أن الاستحالة لاتطهر لأنهم في الأصل يرون أن النجاسة لا يمكن أن تطهر إلا بالماء لكن بخصوص مسألة الاستحالة لهم دليل آخر وهو أن النبي ‘ نهى عن لحوم الجلالة وألبانها.
والجلالة هي الحيوان التي غالب أكله من النجاسات. وسيأتينا - بإذن الله في كتاب الأطعمة تفصيل كثير حول أحكام الجلالة لكن يعنينا هنا أن نعرف ماهي فقط؟
وجه الاستدلال: قالوا: أن الجلالة إذا أكلت النجاسة استحالت في بدنها إلى الدم واللحم ومع كون النجاسة استحالت فقد نهى اللنبي ‘ عن أكلها.
وهذا دليل قوي.
والقول الثاني: أن الاستحالة تطهر النجاسات واختاره ابن تيمية وتلميذه رحمهما الله. وانصروا لهذا القول بأدلة كثيرة من أهم هذه الأدلة أن النجاسة في الاستحالة ذهب لونها وريحها وطعمها فلم يبق للنجاسة أثر.
الدليل الثاني: أن أحكام الأعيان - وهذه قاعدة جيدة ومفيدة لطالب العلم - تتبع حقيقة الأعيان وصفاتها.
أي أننا نحكم على العين بحسب حقيقتها وصفاتها. والعين النجسة إذا استحالت فقد تغيرت جميع الصفات والحقائق لها.
فمثلاً: في المثال الشمهور الذي يذكره الفقهاء إذا وقع الكلب في مملحة وبقي فيها وقتاً طويلاً انقلب إلى ملح وحقيقة وصفات الملح تختلف عن حقيقة وصفات الكلب.
مثال آخر: وهو وإن كان أسهل فهو لا يرد على الحنابلة لأنهم يبرون أنها تطهر - الخمر.
فالخمر قبل أن تستحيل لها صفات وحقائق معروفة. إذا تخللت الخمر أصبحت خلاً وبين الخمر والخل فرق كبير من حيث الحقيقة والصفة.
فقالوا هذا الخمر لم يعد خمراً وإنما أصبح خلاً كما أن ذاك الكلب الذي وقع في المملحة لم يعد كلباً وإنما أصبح ملحاً وهكذا.
إذاً هذا المثال يبين القاعدة التي ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية ’.