للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول الثاني هو الصواب: أن الاستحالة تفيد التطهير.

• قال ’:

غير الخمرة. فإن خللت أو تنجس دهن مائع: لم يطهرا.

قوله غير الخمرة: هذا استثاء من الاستحالة: يعني: أن الأعيان النجسة لا تطهر بالاستحالة ما عدا الخمر فإنه يطهر بالاستحالة.

ففرقوا بين جميع النجاسات وبين الخمر فجميع النجاسات لا تطهر بالاستحالة والخمر فقط يطهر بالاستحالة.

دليل الحنابلة: قالوا: الخمر أصله طاهر ولذا إذا استحال فقد رجع إلى أصله. فالخمر أصله طاهر لأنه من الفواكه: من العنب أو من التمر أو من غيرهما.

لكن يشترط عند الحنابلة أن يكون تخلل الخمر بنفسه - من الله بدون فعل أحد - تتخلل بلى تخليل من الآدمي فإن سعى الإنسان في تخليلها بنقلها أو تعريضها إلى حرارة أو بأي طريقة من الطرق فإنها تبقى نجسة لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي ‘ سأل عن الخمر تتخذ خلاً قال: لا.

ولأن النبي ‘ لما جاءه الرجل ومعه إناء فيه خمر لم يأمره بتخليله وإنما تركه يريقه ولو كان التخليل ينفع في الخمر لما أضاع المال ولأمره بتخليل هذا الخمر.

إذاً الخلاصة بالنسبة للخمر عند الحنابلة - خاصة من بين سائر النجاسات - أنه إذا تخلل فإنه يطهر بشرط أن يتخلل بنفسه فإن خلل بفعل الآدمي فإنه يبقى نجس وإن تخلل وعرفنا أدلة الحنابلة من السنة وهي أدلة صحيحة.

تبين من هذا التقرير أن الحنابلة يرون أن الخمر نجس وهذه المسألة محل خلاف طويل بين أهل العلم: فالجماهير وحكي إجماعاً أن الخمر نجس واستدلوا بأدلة كثيرة منها:

قوله تعالى {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام/١٤٥]

قال ابن القيم قوله فإنه يعود على الجميع ولا يختص بالخنزير فأطلق الله على الخمر أنه رجس.

الدليل الثاني: أن الصحابة لما نزل تحريم الخمر أراقوها فدل هذا على أنه لا يمكن الانتفاع منها بشيء لأنها نجسة.

الدليل الثالث: قوله تعالى فسقاهم ربهم شراباً طهوراً وهذا استدل به الشافعي مفهوم هذه الآية أن خمر الدنيا لا يعتبر طهوراً وإنما هو نجس.

القول الثاني: أن الخمر طاهرة وهذا ينسب لبعض السلف واختاره الصنعاني وكثير من المعاصرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>