واستدلوا: أولاً بأن الأصل في الأعيان الطهارة ولا دليل على نجاسة الخمر.
وثانياً: أنه لما نزل تحريم الخمر أراق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الخمور في طرق المدينة ولو كان الخمر نجساً لم ينجسوا به طرقات المسلمين لا سيما وأن طرق المدينة لم تكن على الأقل كلها واسعة. بل فيها الواسع والضيق.
وأجاب أصحاب هذا القول على أدلة الجماهير:
عن الاستدلال بقوله تعالى فسقاهم ربهم شرابا طهوراً أن الله سبحانه وتعالى حكم على أشربة الجنة اللبن والماء والخمر بأنها طهورة فهل يعني هذا أن لبن وماء الدنيا نجسة الجواب: لا. فكذلك الخمر.
وهذا القول بالنسبة لنجاسة الخمر في الحقيقة قول قوي ووجيه وتمس الحاجة إليه في وقتنا هذا بالذات بسبب كثرة دخول الخمر في مركبات الأدوية ونحن لا نرجح طهارة الخمر بسبب أنهم يستخدمونه في الأدوية.
لكن من أسباب الترجيح أن في القول بطهارة الخمر توسعة من هذا الجانب.
الخلاصة أنه والله أعلم القول بالطهارة هو الأقرب لأنه لا يوجد دليل صريح على النجاسة.
وإن كان يضع الإنسان في ذهنه أن القول بالنجاسة مذهب الجماهير الأئمة الأربعة وجملة أئمة المسلمين إلا ثلاثة أو أربعة من السلف.
أما المتأخرون من بعد الصنعاني - فهو - رحمه الله - الذي نشر هذا القول وانتصر له - فهم كثر لكن الكلام عن أئمة المسلمين المتقدمين.
• ثم قال - رحمه الله -:
أو تنجس دهن مائع لم يطهرا.
الدهن عند الحنابلة ينقسم إلى قسمين:
إما أن يكون مائع أو جامد فإن كان مائعاً ووقعت فيه نجاسة وجب أن يلقى برمته - أن يراق جميع الدهن.
لحديث ابن عباس فإن كان مائعاً فلا تقربوه.
ولأنه لا يمكن أن يغسل بالماء مع كون الدهن مائعاً.
وإن كان جامداً فإنه تلقى النجاسة وما حولها والباقي حلال طاهر.
انتهى مذهب الحنابلة.
القول الثاني: أن الدهن الجامد والمائع حكمهما واحد وهو أن يراق ما حول النجاسة مع النجاسة والباقي طاهر. وينتفع به بدليل حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن فأرة وقعت في سمن فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوها وما حولها وأن ينتفعوا بالباقي.
وهذا الحديث صحيح وفيه لم يفرق بين المائع والجامد وإنما حكم على الجميع بحكم واحد.