فإذاً لا فائدة من اليمين. وهذا صحيح لأن الفائدة دائماً في الدعاوى من اليمين القضاء بالنكول. وهنا إذا قضينا عليه بالنكول فغاية ما هنالك أن نقول: جكمنا عليك بأنك مصدق للوكيل وإذا صدقه أيضاً لا يلزمه أن يدفع إليه الدين لأنه تقدم أنه إذا صدقه لا يلزم أن يعطيه الدين.
فإذاً تبين معنا أن ما ذكره الحنابلة: صحيح. أنه لا يلزمه اليمين وذلك لأنه لا فائدة منها في هذا المقام.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن دفعه فأنكر زيد الوكالة: حلف وضمنه عمرو.
(فإن دفعه) يعني: فإن دفع المدين وهو عمرو في المثال الدين إلى وكيل زيد بعد أن صدقه ثم أنكر زيد أنه وكَّل هذا الشخص فحينئذ يترتب على هذا حكمان:
ـ الأول: أن يحلف زيد.
ـ الثاني: إذا حلف زيد: ضمن عمرو جميع المال.
فيرجع زيد على عمرو ويطالبه بالدين. وليس لعمرو أن يطالب هذا الوكيل بالدين. لماذا؟
- لأنه صدقه فهو أمين والقول قوله وهو يعتبر - أي: الوكيل - زيد هو الظالم.
(مرة أخرى: إذا دفع عمرو وهو المدين: الدين إلى وكيل زيد ثم أنكر زيد أنه وكل أحداً في قبض الدين. حينئذ نقول: على زيد اليمين. وعلى عمرو الضمان مطلقاً. فيرجع زيد وهو الدائن على عمرو بالدين الذي كان في ذمته لأنه ما زال في ذمته وليس لعمرو وهو المدين أن يرجع على من زعم أنه وكيل عن زيد. لماذا؟
لأنه صدقه فأصبح أميناً - لأن عمرو صدقه فأصبح هذا الوكيل أميناً والأمين لا يطالب بالضمان. وهو يعتبر أن زيداً هو الظالم.
فعمرو الآن في المثال يعتقد أن زيد كذب وأنه ظلم هذا الوكيل. لماذا؟ لأنه صدق الوكيل.
وهذا صحيح. لأنه لا مجال للرجوع على عمرو لأنه ينكر التوكيل ولا مجال للرجوع على الوكيل لأنه لم يكذب. فبقي الدين كما هو.
وهذه المسألة - المسألة الثانية - مما يقوي قول الحنابلة في المسألة السابقة اتي قد يستغربها البعض. فنقول وإن صدقه فله أن لا يدفع الدين. لأنه سيترتب على دفع الدين المسألة الثانية.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن كان المدفوع وديعة: أخذها.
(وإن كان المدفوع وديعة) يعني: وليس ديناً ثابتاً في الذمة. وهذا هو الفرق بين المسألتين.
ويوجد فرق آخر سيأتينا.