وهذا النوع غير مراد في الباب مطلقاً ولن يتحدث عنه المؤلف أبداً لكنه يذكر للتفريق بين أنواع الشركة.
ـ أما النوع الثاني: فهو شركة العقود وهو الذي عبر عنه المؤلف - رحمه الله - بقوله: (تصرف).
شركة العقود هي اجتماع في تصرف.
والمقصود بالتصرف نحو أن يبيع أن يستأجر أو أن يضارب على تفصيل سيأتينا.
هذا هو المقصود بالتصرف.
ما هو الفرق بين النوعين؟
إذا لاحظت ودققت ستجد أن الفرق بن النوعين هو في وجود العقد في الثاني وعدم وجوده في الأول. ففي الأول لا يوجد عقد.
في الثاني: لا توجد الشركة إلا من خلال عقد.
وهذا هو روح الفرق بين النوعين.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وهي أنواع، فشركة عنان.
النوع الأول: شركة عنان.
والعنان مشتقة في لغة العرب من: (عَنَّ الأمر) لأنه عَنَّ لكل واحد منهما أن يشارك صاحبه.
وقيل: مشتقة من: عنان الفرس.
ووجه الاشتقاق أن كل واحد من الشريكين يتصرف بنصيب شريكه كما يتصرف الفارس بعنان الفرس.
والراجح: الاشتقاق الثاني.
والسبب: السبب في ترجيح هذا الاشتقاق من وجهين:
ـ الوجه الأول: أن هذا الاشتقاق اختاره الإمام الكسائي والأصمعي. وهما إماما هدى في اللغة ولقولهما ثقل. لا سيما الكسائي.
ـ الثاني: أن المعنى الثاني: أخص بشركة العنان بالذات من المعنى الأول. لأن الأول. فيه أنه عَنَّ لهما وكونه يعرض للإنسان أن يشارك غيره هذا موجود في جميع أنواع الشركات.
وإنما الشيء الخاص هو المعنى الثاني.
وأما في الاصطلاح فتكفل المؤلف بالبيان:
- فيقول - رحمه الله -:
- أن يشترك بدنان بماليهما المعلوم.
تعريف شركة العنان: أن يشترك بدنان بماليهما المعلوم.
ففي شركة العنان مال وبدن.
وقول المؤلف - رحمه الله - (بدنان). لا يريد التقييد وإنما يقصد التمثيل يعني ولو أكثر. ولو كان المشتركون أكثر من اثنين ثلاثة أو أربعة أو خمسة.
وقوله: (بماليهما المعلوم). عرفنا من كلام المؤلف أنه لابد أن يكون المال معلوماً.
فإن لم يكن معلوماً: بطلت الشركة.
والسبب في ذلك: أن الاشتراك بمال مجهول يؤدي إلى الغرر والاختلاف والجهالة.