وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام واستدل بالآية. فإن الله ذم الذين يمنعون.
وكلام شيخ الإسلام - رحمه الله - ليس فيه قيد أن يكون المستعير محتاجاً وهو قيد مهم لم أره في كلامه والواقع أنه لابد أن نقيد بهذا القيد.
فإذا كان المستعير مستكثراً فإنه لا يجب على المالك الغني البذل. فلابد إذاً للوجوب من ثلاثة شروط:
ـ الأول: ان يكون الباذل غنياً.
ـ الثاني: ان لاتكون حاجته متعلقة بهذا الشيء.
ـ الثالث: أن يكون المستعير بحاجة إلى هذه العين.
من وجهة نظري أنه لابد من تحقق الشروط للوجوب. يعني: للقول بالوجوب.
- يقول - رحمه الله - في ضابط ما يمكن أن يستعار:
- تباح إعارة كل ذي نفع مباح.
تباح إعارة كل عين لها نفع مباح.
والدليل على هذا:
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعا فرساً واستعار أدرعاً فقيس عليها سائر الأموال. تقاس على هذين النوعين من الأموال,
وفهم من كلام المؤلف أنه تجوز إباحة مباح النفع ولو لم يجز بيعه كالكلب. إذا أبيح نفعه جازت إعارته.
فإذاً الحنابلة يرون أن باب العارية أوسع من باب الإجارة لأنهم في الإجارة يشترطون أن يكون مباح النفع مطلقاً وهنا لا. يكتفون بأن يكون مباح النفع فقط. فلا يجوز عند الحنابلة إجارة الكلب مباح النفع وتجوز إعارته.
إذاً: الخلاصة أن هذه هي القاعدة: كل عين مباحة النفع فإنه يجوز أن تعار.
معلوم أن مفهوم هذا الكلام أن كل عين محرمة النفع فإن إعارتها محرمة فلا يجوز إعارة آلات اللهو ولا أشرطة الموسيقى ولا الحرير للرجل الذي سيلبسه بلا سبب ومسوغ شرعي ولا الذهب الذي سيلبسه. ولا كل عين لا تباح منفعتها.
- قال - رحمه الله -:
- إلاّ البضع.
تقدم معنا أن طريقة الفقهاء بعد تقرير القاعدة بيان المستثنيات.
فالمستثنى الأول معنا: (البضع).
البضع هو: الفرج. لا يجوز إعارة المرأة للانتفاع بفرجها. والانتفاع بالفرج هو الزنا.
الدليل على المنع:
- أن الله سبحانه وتعالى لم يبح الفروج إلا بأحد سببين: ـ النكاح. ـ وملك اليمين. والعارية ليست داخلة في هذين السببين.
- ولأنه لو أبيح إعارة الفروج لصار هذا من أعظم ابواب إباحة الزنا واختلاط المياه.