يقول - رحمه الله -: (ولو غصب جارحاً). يعني: سواء كان حيواناً أو طائراً (أو عبداً) وسلطه على الصيد (أو فرساً) وصاد عليه فالحكم كما يقول - رحمه الله - هنا: (فلمالكه) أي: فالصيد لمالكه.
وهذه التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - إنما ذكرها على سبيل المثال وإلا كل ما يشبه هذه الأشياء له نفس الحكم. كما لو غصب شبكة أو غصب مصيدة وصاد بها فإن الصيد يكون لمالك يعني: للمغصوب منه.
هذا هو: = مذهب الحنابلة.
استدلوا على هذا:
- بأن الصيد حصل بهذه الآلة المغصوبة وهي السبب فيه فصار الصيد للمغصوب منه.
= والقول الثاني: أن الصيد يكون للغاصب وعليه أجرة هذه التي صاد بها.
- لأن الذي صاد حقيقة هو الغاصب وهذه الأشياء ليست أكثر من تكون آلة استعان بها الغاصب.
= والقول الثالث: أن الصيد يكون بينهما وطريقة التقسيم: أن ينظر إلى قدر نفع كل منهما ويقسم الصيد بهذا الاعتبار. فإن كان نفع الفرس أكثر من نفع الغاصب فالأكثر للمغصوب. وإن كان العكس فالأكثر للغاصب.
واستدل أصحاب هذا القول:
- بأن الصيد حصل بعمل مشترك بين الدابة المغصوبة والصائد الغاصب فقسم الصيد بينهما لأنه نتاج لفعلهما.
وهذا القول اختيار شيخ الإسلام - رحمه الله - وفيه عدل وإنصاف وهو أقرب الأقوال إن شاء الله.
ثم انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى مسألة أخرى:
- فقال - رحمه الله -:
- وإن ضرب المصوغ ونسج الغزل وقصر الثوب أو صبغه بغصب ونجر الخشبة ونحوه، أو صار الحب زرعاً والبيضة فرخاً والنوى غرساً: رده وأرش نقصه ولا شيء للغاصب.
يقول - رحمه الله -: (وإن ضرب الصوغ ونسج الغزل وقصر الثوب ... إلى آخره) هذه المسائل يجمعها معنىً واحد. وهو: (إذا عمل الغاصب في المغصوب عملاً أخرجه به عن مسماه.
هذا هو القاسم المشترك بين هذه المسائل جميعاً.
وذكر المؤلف - رحمه الله - عدة أمثلة لهذه القاعدة:
ـ المثال الأول: يقول: (وإن ضرب المصوغ). يعني: أخذ ذهباً أو فضة وضربه دراهم أو دنانير. فهنا خرج عن اسم المادة الأصلية وهي الذهب والفضة إلى ما نتج بعد الصناعة وهو: الدراهم والدنانير.