فالجواب: أن التضمينات التي وقعت في العهد النبوي كان التضمين قريباً من الإتلاف بحيث لم يتغير السعر ولذلك لم ينظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والخلاصة: أن الراجح أنه لابد من النظر إلى الأسعار لأن هذا مقتضى العدل. ولأن في إهمال ذلك لا سيما في وقتنا هذا الذي صارت الأسعار فيه تتذبذب بقوة ففي إهمال هذا الشيء ظلم واضح على المغصوب.
فإن حصل العكس: غصب العين وتضاعفت القيمة زيادة لا نقصاً فإنه يرد العين ولا شيء للغاصب. لأنه ظالم ولا حق للظالم.
- قال - رحمه الله -:
- ولا بمرض عاد ببرئه.
مقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله: (ولا بمرض عاد ببرئه) يعني: ولا يضمن النقص الذي حصل بالمرض إذا عاد سليماً بعد البرء.
وقوله: (المرض) هذا على سبيل التمثيل.
والقاعدة: (أن الغاصب لا يضمن النقص الذي حصل بسبب ثم عاد كاملاً بعد زوال السبب) هذه هي القاعدة.
التعليل: - قالوا: التعليل: أن العين رجعت كما هي وما زالت في يد الغاصب. فلا موجب للضمان.
مثال ذلك/ إذا غصب شاة ثم مرضت وهزلت ونقصت قيمتها جداً ثم برئت وشفيت وعادت سليمة كما كانت تماماً فإذا أراد أن يرد الغاصب هذه الشاة فإنه يردها بلا زيادة ولا نظر للنقصان العارض.
= القول الثاني في هذه المسألة: أنه يضمن.
- لأن هذا نقصاً وقع على العين المغصوبة فوجب ضمانه.
وهذا القول في الحقيقة الثاني فيه نوع من الظاهرية وهو مرجوح. لأن العبرة في الشرع بالمعاني والأسباب والعلل ونحن نضمن الغاصب بالنقص ولا نقص الآن. فالغاصب رد العين إلى المغصوب منه كما هي تماماً فلا يوجد أي سبب للتضمين.
فمذهب الحنابلة هو الصحيح إن شاء الله.
- قال - رحمه الله -:
- وإن عاد بتعليم صنعة: ضمن النقص.
معنى هذه العبارة: أن المغصوب إذا نقص بسبب من الأسباب كالمرض ونحوه ونقصت القيمة تبعاً لذلك. ثم زادت القيمة بسبب آخر من جنس آخر فإن الغاصب يضمن.
مثاله/ إذا اشترى عبداً ومرض العبد ونقصت قيمة العبد ثم قام الغاصب بتعليم العبد صنعة مفيدة فارتفع سعر العبد من جديد وصار كسعره الأول فإن الغاصب إذا أراد أن يرد العبد فإنه يرده ويضمن النقص الحاصل بالمرض ولا ننظر للزيادة الحاصلة بسبب آخر.
علل الحنابلة ذلك: