إذا نقصت العين هذا معنى قول المؤلف - رحمه الله -: (ومن جنسها لا يضمن إلا أكثرهما). إذا نقصت العين بسبب من الأسباب ثم زادت بسبب من جنس السبب الذي نقصت منه وإن لم يكن عينه لكنه من جنسه فإنه أي الغاصب لا يضمن، إلا إذا وقع تفاوت بين الجنسين - بين الاثنين الذين من جنس واحد - فإنه يضمن النقص.
مثال المسألة/ غصب فرساً معلماً ثم ذهب عنه العلم وهو مغصوب: في هذه الحالة ستنقص قيمته أو تزيد؟ ستنقص.
ثم علمه الغاصب صنعة أخرى - علمه أمراً آخر غير الذي علمه المالك. فرجعت القيمة كما كانت.
فالآن: زادت القيمة بسبب من جنس الأول أو من غير جنس الأول؟ من جنس الأول: لأن الجميع تعليم وصنعه.
لو أردنا أن نمثل بشيء من غير جنس الأول: مثاله/ أن ترتفع أسعار الخيول في السوق. فالآن ارتفعت بسبب من جنس الأول أو بسبب آخر؟ من غير جنس الأول.
إذاً: عرفنا ما معنى أن ترتفع بسبب من جنس الأول أو بغير جنس الأول.
فالمؤلف - رحمه الله - يقول: إذا ارتفعت بسبب من جنس الأول لم يضمن الغاصب إلا إذا كان بين الصنعة الأولى والصنعة الثانية فرق فحينئذ يضمن الفرق لصالح المغصوب منه.
مثاله/ إذا غصب عبداً يحسن تصنيع الذهب ثم نسي العبد صنعة الذهب ثم علمه صنعة النجارة فارتفعت قيمته مرة أخرى: فحينئذ لا يضمن الغاصب النقص وإنما يضمن الفرق بين الصنعتين.
وهذا معنى قول المؤلف - رحمه الله -: (لا يضمن إلا أكثرهما)
يعني: يضمن الفرق بين قيمة الصنعتين.
هذا ما يتعلق بهذا الفصل.
وننتقل إن شاء الله إلى الفصل الثاني.
فصل
[في حكم ما إذا خلط المغصوب أو صبغه وغير ذلك]
- قال - رحمه الله -:
- فصل وإن خلطه بما لا يتميز كزيت أو حنطة بمثلهما.
أفادنا المؤلف - رحمه الله - أن الغاصب إذا غصب شيئاً وخلطه فإما أنى يخلطه مع شيءٍ يتميز أو مع شيءٍ لا يتميز.
ـ فإن خلطه مع شيءٍ يتميز عنه المغصوب وهي الصورة التي لم يذكر المؤلف - رحمه الله - فالحكم أنه عليه أن يخلص المغصوب من الشيء الذي خلطه معه مهما بلغ قيمة التخليص.