المؤلف - رحمه الله - أراد بهذا الفصل بيان تصرفات الغاصب التي تتعرض لها العين المغصوبة.
والتصرفات تنقسم إلى قسمين:
ـ أن يتصرف فيها في العبادات. ... ـ والقسم الثاني: أن يتصرف فيها في العقود.
وتصرفات الغاصب تنقسم إلى قسمين:
ـ تصرفات حكمية. ... ـ وتصرفات غير حكمية.
نبدأ بالقسم الثاني التصرفات غير الحكمية. وهي التي لا توصف بصحة ولا فساد. فلا يقال هذا التصرف صحيح ولا فاسد.
مثالها/ أن يقوم الغاصب بلبس المغصوب أو يقوم الغاصب بإتلاف المغصوب أو يقوم الغاصب بأكل المغصوب.
فهذه التصرفات ونحوها لا يمكن أن نقول أنها صحيحة أو فاسدة وإنما نقول هي محرمة. لكن لا يحكم عليها بحكم وضعي وإنما يحكم عليها بحكم تكليفي.
ـ القسم الثاني: التصرفات الحكمية. وهي كل تصرف يحكم بأنه صحيح أو فاسد.
كأن يبيع أو يشتري. وكأن يتوضأ بالماء المغصوب. وكأن - وهذه المشكلة - يحج بالمال المغصوب.
وكأن يزكي عن ماله من المال المغصوب. .. إلى آخره. فمثلنا للعقود ومثلنا للعبادات.
= فالحنابلة: يتكلمون الآن عن التصرفات الحكمية وغير الحكمية لماذا لم يتحدث عنها المؤلف - رحمه الله -؟ لأنها تقدمت.
نأتي إلى موضوع الفصل: فنقول التصرفات الحكمية للغاصب عند الحنابلة باطلة مطلقاً. سواء كان التصرف يتعلق بالعبادات أو بالمعاملات.
واستدلوا على هذا بدليلين:
- الدليل الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وبيع الغاصب وهبته ونحوها بالعين المغصوبة ليس عليها أمر الله ورسوله. بل أمر اله ورسوله أن يرد العين المغصوبة إلى صاحبها.
- الدليل الثاني: أنه تصرف في ما لا يملك ومن تصرف فيما لا يملك فعمله باطل.
= القول الثاني: أن تصرفات الغاصب الحكمية تخرج على عمل الفضولي. فإن أجاز المغصوب صحت وإن منع بطلت.
فنخرج تصرفات الغاصب على تصرفات الفضولي.
واستدلوا على هذا بدليلين:
- الدليل الأول: أن الواقع يدل على أن تصرفات الغاصب غالباً ما تكثر ويترتب بعضها على بعض وتتخذ سلسلة متعاقبة مما يؤدي إلى الضرر البالغ في إبطال كل تلك العقود.