لما ذكر المؤلف القسم الأول , وهي إذا كانت ليست عليها ذكر هذا القسم الثاني , وهي إذا كانت تحت يد المالك , وتكون تحت يد المالك في ثلاث صور: أن يكون راكب. وأن يكون قائد وهو الذي يمشي أمام البهيمة. وأن يكون سائق وهو الذي يمشي خلف البهيمة , هذه هي الصور التي تكون يد صاحب البهيمة عليها. ومعنى قول الشيخ هنا وإن كانت بيد راكبها مقصود المؤلف يعني وكان قادراً على التحكم فيها ,فثبوت حكم اليد يشترط فيه أن يكون قادراً على التحكم فيها , فإن لم يكن قادراً على التحكم فيها فتعتبر ليست تحت يده وإن كان قائداً أو سائقاً أو راكباً.
نأتي إلى الحكم يقول المؤلف - رحمه الله - (وإن كانت بيد راكب ................. لابمؤخرها).
أفاد المؤلف أنّ الحنابلة يرون أنه إذا كانت الدابة تقاد من قبل المالك أو وكيله , فإنه يضمن ماتتلفه بمقدمها يعني بيدها أوفمها ,ولايضمن ماتتلفه بمؤخرها يعني برجلها. هذا هو المذهب. لكن الحنابلة قيّدوا عدم الضمان فيما يتلف بالرجل , أن لايكون الإتلاف بالوطء. بأن يكون بالرمح, فإن كان الإتلاف بالوطء فيضمن ولو بمؤخرها ,ولذلك كان من الأحسن أن يقول الشيخ هنا لابمؤخرها إذا كان رمحاً , فإن كان بالوطء فهو يضمن , ماهو دليل الحنابلة التفريق بين الرمح والوطء؟ قالوا أنّ سائق الدابة منعها من الوطء بالتحكم بها , ولايستطيع منعها من الرمح , لأنه لايعلم متى يصدر أليس كذلك؟ لايمكن له أن يتحكم بالرمح , هذا هو دليل التفريق في إتلاف البهيمة بمؤخرها بين الوطء والرمح.
نأتي إلى دليل الحنابلة على القول برمته , وهو التفريق بين المقدم والمؤخر , استدل الحنابلة على هذا بدليلين: الدليل الأول أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (رِجل العجماء هدر) أوقال (رِجل العجماء جبار) فهذا الحديث يدل على أنّ رِجل العجماء لاتضمن ويدل بمفهومه أنّ يدها وفمها تضمن ,به جناية البهيمة. واستدلوا بدليل آخر وهو أنّ من وضع يده على البهيمة يسهل عليه التحكم بمقدمها ومنع الجناية به ويصعب عليه التحكم بمؤخرها. إذا الآن إن شاء الله تصورنا مذهب الحنابلة ودليل الحنابلة.