للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الثاني: أنّ أصحاب المواشي يضمنون ماأتلفت المواشي بالليل مطلقاً ,فرطوا أو لم يفرطوا ,والصحيح إن شاء الله كما قلت القول الأول ,لأنه إذا لم يفرط فليس منه ما يوجب الضمان. والأصل كما سيأتينا إن شاء الله أنّ ماتتلفه البهيمة هدر, وبهذا عرفنا حكم مايتلف من قبل البهائم. باقي تنبيه واحد وهو أنّ إتلاف البهائم ينقسم إلى قسمين: إما أن تتلف ويد صاحبها عليها. أو تتلف ويد صاحبها ليست عليها. وهذه المسألة التي ذكرنا فيها الخلاف وتحدثنا عنها هي من القسم الذي تتلف فيه البهيمة ويد صاحبها ليست عليها, يعني أنه لايتحكم بها ,إذاً هذا الخلاف في أي النوعين ,في أن تكون يده عليها , أو ليست عليها؟ ليست عليها. فإن كانت يده عليها فهو قسم آخر سيتحدث عنه المؤلف بالتفصيل. فيجب أن تعلم أنّ هذا الكلام محمول على ما إذا كانت يده ليست على البهيمة

- ثم قال - رحمه الله - (إلاّ أن ترسل بقرب ما تتلفه عادة).

لما قرر المؤلف أنّ أصحاب البهائم لايضمنون بالنهار مطلقاً , استثنى هذه الصورة وهي ما إذا أطلقها في النهار قرب ما تتلف. ففي هذه الحالة يضمن. والسبب أنه لما جعلها تقرب ما تتلفه عادة فرط وتعدّى ,فضمن لذلك.

والقول الثاني: وهو المذهب أنّ أصحاب البهائم لايضمنون بالنهار مطلقاً, سواء أطلقوها قرب ماتتلف عادة أو لم يطلقوها. واستدل أصحاب هذا القول وهم الحنابلة وهو المذهب المؤلف خالف المذهب في هذه المسألة. استدلوا بعموم الحديث فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى على أصحاب الأموال بحفظها في النهار. ولم يفرق بين أن يطلق أصحاب المواشي مواشيهم قرب ماتتلف أو يطلقوها بعيداً عن ماتتلف. ولذلك نقول الراجح إن شاء الله القول الثاني. وهو المذهب ومما يدل على صحة قول الحنابلة أنه يعسر على الإنسان مراقبة البهيمة, لكي تقترب مما تتلفه في العادة ,فإنها هذه بهيمة والتحكم فيها ومراقبتها في النهار وهي ترعى فيه مشقة وعسر, فهذا ايضاً مما يدل على قوة القول الثاني وهو عدم الضمان في النهار مطلقاً.

- قال - رحمه الله - (وإن كانت بيد راكب أو قائد أو سائق ضمن جنايتها بمقدمها لا بمؤخرها).

<<  <  ج: ص:  >  >>