الدليل الثاني" أنه جرى العرف بأنّ أصحاب المواشي يرسلون مواشيهم في النهار لترعى ,وأنّ أصحاب الأموال يحفظون أموالهم بالنهار فإذا تعدت البهيمة على المال نهاراً. فإنه لايعتبر صاحب البهيمة متعدّي فلا يضمن لأنه تقدم معنا أنّ سبب الضمان هو التعدّي.
هذا الدليل الثاني للحنابلة فتكون أدلتهم اثنان.
القول الثاني: أنّ أصحاب المواشي يضمنون ليلا ونهاراً يعني مطلقاً. واستدل أصحاب هذا القول بأنّ الجناية كانت بسبب ترك صاحب البهيمة لبهيمته ,فلما كانت الجناية أو الإتلاف بسبه ضمن ,
الدليل الثاني "القياس على جناية العبد فإنها مضمونة مطلقاً. وهذا القول ضعيف جدا.
القول الثالث " أنّ أصحاب المواشي لايضمنون مطلقاً لا ليلاً ولانهاراً. واستدلوا على هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه (العجماء جرحها جبار) يعني هدر وهو في الحقيقة نصّ في المسألة. فدّل الحديث على أنّ ماتتلفه البهيمة فهو هدر مطلقاً. ولم يفرق الحديث بين الليل والنهار. والراجح إن شاء الله المذهب. ودليل ذلك أنّ حديث المذهب وإن كان مرسلاً إلاّ أنه أخص في المسألة من حديث أصحاب القول الثالث لأنه عام ,وتقدم معنا مراراً تكراراً أنّ الخاص مقدم على العام ,مادام صححنا الإستدلال
بهذا الحديث المرسل فهو خاص ويقدم على العام ,
مسألة /إذا حكمنا على أنّ أصحاب المواشي يضمنون بالليل ,فهذا مشروط على الصحيح من قولي أهل العلم, بأن يفرطوا ,فإن لم يفرطوا فإنهم لايضمنون ولا بالليل ,فإذا قام صاحب الماشية بحبسها والتأكد من عدم خروجها وتوثيقها ثم خرجت بعد ذلك بلا تفريط منه فلا يضمن ,ولو كان الإتلاف بالليل ,وأما إذا فرط لم يحبسها ولم يجعلها في مكان لاتخرج لتؤذي فإنه يضمن.