استدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس)) وفي رواية ((لم يحمل الخبث)).
هذا الحديث اختلف فيه الحفاظ تصحيحاً وتضعيفاً.
- فذهب إمامان حافظان إلى تصحيحه وهما ابن معين والدارقطني وهما من الأئمة المحدثين الكبار.
- وذهب بعض العلماء إلى الحكم عليه بالوقف على ابن عمر كالحافظ المزي وشيخ الاسلام ابن تيمية.
- وذهب بعض الحفاظ إلى أنه ضعيف كالزيلعي وابن القيم.
إذا اختلفوا في هذا الحديث على ثلاث مذاهب.
والصواب إن شاء الله أنه حديث صحيح ثابت:
أولاً: لكثرة أسانيده وصحتها.
وثانياً: لأن الذين صححوه هم أئمة هذا الشأن وهما الدارقطني وابن معين وصححه معهما خلق لكن هؤلاء هم أبرز الذين صححوه.
أخذنا الآن الدليل على أن اعتبار القلتين كثير نحتاج إلى الدليل على استثناء بول الآدمي وعذرته المائعة.
استدل الحنابلة على هذا الاستثناء بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه)).
قال الحنابلة لولا أن البول في الماء الدائم يؤثر فيه بسلبه الطهورية لما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البول فيه.
((وبهذه المناسبة أحب أن تتنبهوا دائماً إلى وجه الاستدلال فكثير من إخواننا يعرف الدليل ولكن ربما لو قيل له ما وجه الاستدلال من هذا الدليل لم ينتزعه منه)).
هكذا استدل الحنابلة بهذا الحديث وهو حديث صحيح والاستدلال في الحقيقة قوي.
القول الثاني: أن بول الآدمي وعذرته المائعة كسائر النجاسات ولا يكون بول الآدمي أشد من بول الكلب.
واستدلوا على هذا بدليل قالوا: أن في بعض ألفاظ حديث القلتين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن بئر بضاعة وما يلقى فيه من فضلات الناس.
قالوا: ومع كون النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عما يلقى في البئر من فضلات الناس أخبر أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجسه شيء.
وهذا القول – الثاني – هو مذهب كثير من الحنابلة وهو القول الصواب ان شاء الله وهو أن بول الآدمي كسائر النجاسات.