الراجح إن شاء الله مذهب الحنابلة وهو أن الوديعة لو تفلت من بين ماله لم تضمن ما دام لم يتعد ولم يفرط.
باقي علينا في الحقيقة: الجواب عن أثر عمر - رضي الله عنه -: والجواب عنه من وجهين:
ـ أولاً: أن هذا الأثر يتعارض مع النصوص العامة فإن النصوص العامة تدل على عدم ضمان الوديعة مطلقاً ولم تفرق بين صورة وأخرى. وهذا الجواب هو الجواب الأضعف.
ـ الجواب الثاني: أنا نحمل هذه الفتوى على شيء من التفريط ولا نقول التعدي إن شاء الله لكن نقول التفريط من أنس - رضي الله عنه - والذي يجعل الإنسان يحمل هذه الفتوى على التفريط الجمع بينها وبين النصوص العامة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ويلزمه حفظها في حرز مثلها.
يلزم المودع حفظ الوديعة في حرز مثلها. فإن لم يفعل فإنه يضمن.
- لأن من شروط عدم الضمان أن لا يفرط. وعدم حفظها في حرز مثلها هو نوع من التفريط وإذا فرط ضمن.
كما أن عدم حفظ الوديعة في حرز مثلها يتنفاى مع الأمانة. وإذا لم يوصف بأنه أمين وجد الضمان.
وهذا لا إشكال فيه: يجب أن يضع الوديعة في حرز مثلها.
ومن المعلوم أن حرز مثلها لم يبينه المؤلف - رحمه الله - لا في هذا الباب ولا في ما تقدمه من أبواب. وإنما سيأتي في باب السرقة.
وهي ضمان الأحراز وحرز مثل كل عين بحسبه.
ولا يستغرب على الحنابلة ذلك فإنه كثيراً ما يذكرون شيئاً بيانه أو متعلقه سيأتي في باب آخر لأنه لا يعنينا الآن أن نعرف حرز المثل سياتينا إن شاء الله بيانه في بابه.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن عينه صاحبها فأحرزها بدونه: ضمن.
إن عين صاحبها الحرز الذي يريد فإنه إذا وضعها في غيره يضمن.
- لأنه فرط. ووجه التفريط: أنه خالف تعيين المودع وقد أخذها أمانة على أساس أن يضعها حيث أمر المودع.
وهذا هو وجه التفريط والإخلال بالأمانة.
مسألة/ ويضمن إذا لم يضع الأمانة فيما عينه المودع ولو وضعها في حرز مثلها.
وهذا يجب أن يتنبه إليه الإنسان لكثرة وقوعه بين الناس فيقول له: ضع هذا المبلغ في المكان الفلاني فيضعه في غيره مما هو حرز لمثل هذا المبلغ ثم يسرق حينئذ يضمن. ولو أنه وضع المال في حرز المثل إلا أنه خالف الأمانة بتغيير ما أمر به المودع.
- ثم قال - رحمه الله -: