- لأن المطلوب من المودَع أن يحفظها وقد حفظها بدفعها إلى رجل يحفظها.
واستدلوا على ذلك: - بأن المودع قد يدفع مال نفسه إلى هذا الأجنبي. فإذا عامل الوديعة كما يعامل ماله فلا ضمان عليه.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولا يطالبان إن جهلا.
يعني: لا يطالب الأجنبي ولا الحاكم بضمان الوديعة إذا تلفت إن كان جاهلاً بالحال.
يعني: إذا كان لا يعلم أن هذه الوديعة هي وديعة عند من دفعها إليه. حينئذ لا يضمن.
واختلفوا هل لمالك الوديعة أن يطالب بالوديعة الأول والثاني أو ليس له إلا أن يطالب الأول فقط؟
وهذا التفصيل كله مفرع على ما إذا جهل.
= فالقول الأول أن لمالك الوديعة أن يطالب أياً منهما.
- لأن الوديعة تلفت عند الثاني والأول هو الذي دفعها.
= والقول الثاني: أنه لا يطالب إلا الأول ولو تلفت عند الثاني.
- لأن الثاني أخذها بيد أمانة فلا يطالب بأدائها.
وهذا القول الثاني اختيار شيخ الإسلام وهو الصواب إن شاء الله.
عرفنا حكم الوديعة إذا تلفت عند الثاني إذا كان جاهلاً بقي أن نعرف الحكم إذا كان عالماً.
ـ فإذا كان عالماً فإنه يضمن ويستقر الضمان عليه. ولرب الوديعة أن يطالب أياً منهما. الأول أو الثاني.
وهذا الحكم وهو: أن المطالب تنصرف إليهما وأن استقرار الضمان يكون على الثاني لا إشكال فيه فهو إن شاء الله قول صحيح.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن حدث خوف أو سفر: ردها على ربها.
معنى هذا: أنه إذا حدث في البلد الذي فيه المودع والوديعة خوف من كثرة السراق أو وجود الغرق أو الحرائق أو أي نوع من أنواع الخوف. أو عزم المودع على السفر فإنه والحالة هذه يجب وجوباً أن يدفع الوديعة إلى صاحبها.
وعللوا هذا:
- بأنه بهذا الدفع تبرأ ذمته ولا يلحقه درك الضمان.
إلا أن الحنابلة قالوا: له أن يدفعها إلى من يحفظ مال المودَع أو إلى من يحفظ مال المودِع في حال الخوف أو في حال السفر.
إذاً: عرلافنا الآن أنه إذا حصل عارض فإن المودع يجب أن يرد الوديعة إلى مالكها. والتعليل سمعتموه.
- ثم قال - رحمه الله -:
- فإن غاب: حملها معه إن كان أحرز، وإلاّ أودعها ثقة.