(فإن غاب) يعني: إن لم يجد المودَع المودِع بحث عنه ولم يجده فإنه في هذه الحالة يجوز أن يسافر بها لكن هذا مشروط بأمرين:
ـ الأمر الأول: أن يأمن عليها في السفر.
ـ والثاني: أن لا يمنع المودِع من السفر بها.
فإذا تحقق الشرطان جاز للمودع أن يسافر بها. وإذا قلنا: جلز للمودَع أن يسافر بها يعني: ولا ضمان عليه إن تلفت.
فهم من هذا التقرير أن ظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أنه لا يجوز للمودع أن يسافر بالوديعة بل يجب عليه إذا أراد أن يسافر أن يدفعها إلى ربها.
وهذا هو ظاهر كلام المؤلف - رحمه الله -.
= والقول الثاني وهو المذهب: أنه يجوز أن يسافر بها مطلقاً لكن بالشرطين المتقدمين وهو: ـ أن يأمن عليها في السفر. ـ وأن لا يمنع ربها من السفر بها.
إذا تحقق الشرطان جاز له أن يسافر بها.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإلا أودعها ثقة.
يعني: وإلا تتحقق الشروط المجيزة للسفر بها فإنه يجوز أن يودعها عند ثقة.
وظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أنه يجوز أن يودعها عند ثقة ولو تمكن من أن يودعها عند الحاكم.
والمذهب أنه لا يجوز أن يودعها عند ثقة إلا إذا لم يتمكن من إيداعها عند الحاكم.
وفهم من هذا أنه يجب أولاً أن يبدأ بالحاكم. لأن الحاكم ولي من لا ولي له وهو يقوم مقام مالك الوديعة فوجب أن نبدأ به.
= والقول الثاني: أن له أن يدفع إلى ثقة ولو تمكن من دفعها إلى الحاكم. ولا يشترط أن نبدأ بالحاكم.
- لأن هذا المودع ثقة يحفظ المال ولا يوجد ما يمنع من دفعها إليه.
= والقول الثالث: أنه مخير في دفعها إلى الحاكم أو إلى الثقة بحسب المصلحة. لا بحسب التشهي.
وهذا القول الثالث اختيار الشيخ المرداوي وهو قول قوي ووجيه كما ترى.
فنقول: إذا أراد أن يسافر فهو مخير إن شاء دفعها للحاكم وإن شاء دفعها إلى ثقة ويرجع في ذلك إلى المصلحة الخاصة بالوديعة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ومن أُودع دابة فركبها لغير نفعها، أو ثوباً فلبسه، أو دراهم فأخرجها من محرز ثم ردها، أو رفع الختم، أو خلطها بغير متميز فضاع الكل: ضمن
تبين لكم من شرح المسألتين السابقتين: أنها استثناء من قول المؤلف - رحمه الله -: (وعكسه إلى أجنبي أو حاكم).