ففي هاتين الصورتين يجوز الدفع إلى الأجنبي وهي ما إذا حصل خوف أو سفر.
فإذا تأملت تجد أن هذه المسألة مستثناة من المسألة السابقة.
بدأ المؤلف - رحمه الله - الكلام عن صور فيها يضمن المودَع.
ـ الصور الأولى:
- يقول - رحمه الله -:
- ومن أُودع دابة فركبها لغير نفعها ...
فالحكم أنها إن تلفت ضمنها.
ومعنى أن يركبها لغير نفعها: يعني: أن يركبها لا ليسقيها ولا ليذهب بها إلى محل العلف لها.
فإذا ركب الدابة لمنفعته هو لا لمنفعة الدابة ثم تلفت فإنه يضمن.
ووجه الضمان: أنه متعدي. ووجه التعدي: أنه انتفع بمال غيره بغير إذنه.
فالتعدي أحياناً لا يحتاج إلى دليل لوضوحه وأحياناً يحتاج إلى تعليل أو دليل ليدل على أن هذا الشخص تعدى أو فرط.
إذاً: عرفنا الآن أنه يضمن: لأنه تعدى.
- يقول - رحمه الله -:
- أو ثوباً فلبسه.
إذا أودعه ثوباً فلبسه لا لمصلحة الثوب فإنه يضمن.
وهل يتصور أن يكون لمصلحة الثوب؟ الجواب: نعم. إذ من الثياب نوع إذا بقي مطوياً فترة طويلة فسد. وأصابتع من الدواب الصغيرة ما يفسده. فمثل هذا الثوب نشره ولبسه من مصلحته. فهذا لا يضمن.
فإن لبسه لا لمصلحة الثوب ثم تلف فإنه يضمن. والتعليل ذاته موجود في التعليل السابق الذي عللنا به مسألة ركوب الدابة هو نفسه يعلل به مسألة لبس الثوب.
- قال - رحمه الله -:
- أو دراهم فأخرجها من محرز ثم ردها.
إذا قام المودَع بإخراج الدراهم من المكان الذي أحرزت فيه سواء أخرجها ليخون فيها أو أخرجها لينفقها أو أخرجها لمجرد الرؤية فقط فإنه: يضمن.
هذا إذا أعطيت المودَع في حرز لها ثم قام هو بإخراجها من هذا الحرز فإنه يضمن مهما كان السبب في إخراجها.
وعلة التضمين: - أنه بفعله هذا تعدى. ووجه التعدي: أنه أخرج مال غيره من حرزه بلا سبب شرعي. وهذا موجب للضمان.
وظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أنه يضمن ولو أخرجها ثم أعادها وتلفت بعد الإعادة.
- لأنه بإخراجه لها ارتفع عنه وصف الأمانة ولا يرجع إليه إلا بإذن المودع.
= والقول الثاني: أنه إذا أخرجها ثم أعادها كما كانت تماماً ووضعها في حرزها ولم يتعد ولم يفرط ثم تلفت فإنه لا ضمان عليه.