للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل الحنابلة واضح وقوي.

= القول الثاني: أن الإنسان إذا أقطع أرضاً فإنه يملك الأرض بمجرد الإقطاع.

واستدلوا على هذا:

- بأن الإقطاع يفهم منه في اللعة والعرف: التمليك.

فإذاً: يثبت بمجرد الإقطاع.

وهذا القول وإن كان ظاهرة القوة إلا أنه ضعيف.

والسبب في ضعفه: أنه مصادم لهذا الأثر الصحيح عن عمر بن الخطاب. وإذا كان عمر - رضي الله عنه - قام باسترجاع الأرض فلاشك أن هذا أمر أقره عليه الصحابة ولم ينكروا عليه هذا الأمر فهو أشبه ما يكون ثابتاً بالاستفاضة لا سيما وأن عمل الخلفاء الراشدين يكون مشهوراً بين الصحابة.

على كل حال: الراجح مذهب الحنابلة.

- قال - رحمه الله -:

- وإقطاع الجلوس في الطرق الواسعة ما لم يضر بالناس، ويكون أحق بجلوسها.

(وإقطاع الجلوس) لابد أن ننبه إلى أن الإقطاع ينقسم إلى قسمين:

ـ القسم الأول: إقطاع الإحياء وهو الذي تكلمنا عنه الآن.

ـ والقسم الثاني: إقطاع الإرفاق وهو الذي أشار إليه المؤلف - رحمه الله - بقوله: (وإقطاع الجلوس في الطرق الواسعة ما لم يضر بالناس، ويكون أحق بجلوسها).

للإمام الحق في إقطاع الإرفاق كما أن له الحق في التمليك أو الذي يسميه بعض الفقهاء إقطاع الموات. إقطاع الموات هو إقطاع التمليك.

لكن الحنابلة لا يسمونه إقطاع تمليك. لماذا؟ لأنهم لا يرون أن الملك يثبت بمجرد الإقطاع.

إقطاع الإرفاق هو أن يعطي الإمام رجلاً من الناس مكاناً عاماً لينتفع به.

كأن يعطيه رحبة المسجد التي خارج حدود المسجد.

أو أن يعطيه مكاناً في السوق فارغاً. وما شابه هذه الأماكن التي يرتفق فيها الناس بالبيع والشراء غالباً.

فإذا أعطيها صار أحق بها من غيره وصار حكمها حكم التحجر ونحن تقدم معنا حكم التحجر وهو أنه لا يملك إلا أن المتحجر أحق به من غيرها.

قال الإمام أحمد - رحمه الله - من أقطعه الإمام فهو أحق ومن غيره إلى الليل. فإذاً يظل استحقاقه من الصباح حيث أفطعه الإمام إلى أن تغيب الشمس.

وهذا حق من حقوق الإمام.

والدليل على ذلك:

- أن للإمام نظر فيمن يكون بقائه أضر على الناس وفيمن يكون بقائه أقل ضرراً على الناس.

ولهذا: فله أن يقطع زيد ويمنع عمرو لأن زيداً أقل ضرراً على الناس من عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>