وإذا لا حظت ستجد أن المؤلف - رحمه الله - مثل لكل قسم من أقسام العمل في الجعالة بمثالين:
فقوله: (كرد عبد ولقطة) هذا من القسم الأول أو من أمثلة القسم الثاني:؟ الثاني.
وقوله: (وخياطة وبناء حائط) من أمثلة القسم: الأول.
وهذا من حسن التأليف في الحقيقة أنه يمثل مراعياً استيفاء الأقسام.
فمثل على كل قسم بمثالين.
- قال - رحمه الله -:
- فمن فعله بعد علمه بقوله: استحقه.
أفدنا المؤلف - رحمه الله - بهذه العبارة مسألتين:
* * المسألة الأولى/ أن الإنسان إذا عمل العمل وانتهى استقر حقه في الأجرة.
لأنه عمل لغيره بعقد صحيح فلما انتهى العمل استحق العوض.
* * المسألة الثانية/ أن هذا العمل لابد أن يكون بعد العلم. فإن عمل لغيره قبل العلم فلا شيء له.
لماذا؟ استدلوا على هذا: بأنه عمل في ملك غيره بغير إذنه فهو شرعاً متبرع.
إذاً: يشترط لاستحقاق الأجرة في الجعالة أن يكون العمل تم بعد العلم. فإن كان قبل العلم فلا شيء له. ولو كان تسليم العمل بعد العلم.
المهم أن يكون العمل كله بعد العلم.
أما التسليم فلا علاقة له.
فإذا رد الجمل بلا علم بالجعالة ولما دخل المدينة عرف أن صاحب الجمل وضع عليه جعالة وسلمه إليه فلا يستحق شيئاً. وإن كان سلكه بعد العلم.
لأن العمل وقع متى؟ قبل العلم.
- قال - رحمه الله -:
- والجماعة: يقتسمونه.
يعني: إذا اشترك جماعة في إنجاز العمل فإنهم يقتسمون العوض.
والتعليل:
- أنهم اشتركوا في العمل فاشتركوا في العوض.
وهذا مخصوص بما إذا لم يقل الجاعل إذا رد زيد الجمل فله كذا وكذا.
فإن عين في العقد من يعمل فإن من عمل غيره لا يستحق شيئاً ولو عمل بعد العلم ولو أحضر المطلوب.
لأن الجاعل حدد العامل فقال: (إن أحضر زيد الجمل فله كذا وكذا.
أما إذا قال: من أحضر الجمل فله كذا وكذا واشترك جماعة في إحضاره فهم يشتركون في العوض.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وفي أثنائه يأخذ قسط تمامه.
يعني: وإذا علم في أثناء العمل بأن صاحب العمل وضع جعلاً فإنه يستحق القسط من علمه ولكن هذا مشروط بأن ينوي بعد العلم العمل مقابل هذا العوض.
فإن لم ينو فهو متبرع.