وعلم من هذا البحث كله أنه إذا تبين للإنسان أن هذه الأشياء التي ذكرها الفقهاء في مكان تتلف لو تركت ولو كانت كبيرة أو تعدو أو تطير بأن كان في المنطقة سباع صغيرة لكنها عرفت بأكل كبار الأجسام أو كانت في مكان لا يوجد فيه ماء أصلاً أو كان القدر الكبير في مكان فيه قطاع طرق بكثرة. حينئذٍ يجوز أن تؤخذ. وذلك استنباطاً من تعليلات الفقهاء لأنهم يرون عدم جواز أخذها لا متناعها بنفسها ونحن الآن تبين لنا أنها في مثل هذه الأمثلة لا تمتنع بنفسها فجاز حينئذ أن تؤخذ.
ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يتنبه لتعليلات الفقهاء حتى يدور الحكم مع هذه العلة وجوداً وعدماً.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وله إلتقاط غير ذلك.
هذا هو القسم الثالث: وهو القسم الأكبر من أنواع اللقطة وحكمه أنه يجوز أن يؤخذ ولا يملك إلا بالتعريف.
وهذا القسم يشمل كل ما عدا القسم الأول والثاني.
فكل عين سقطت على الأرض لا تدخل في القسم الأول ولا في الثاني فهي من القسم الثاني.
ولذلك نقول في تعريفه: هو كل ما لا يدخل في القسم الأول والثاني.
والدليل على حكم هذا النوع من اللقطة:
- حديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن لقطة الذهب والفضة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (إعرف عفاصها ووكائها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فشأنك بها وهي وديعة عندك فإن جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه). وهذا اللفظ في الصحيح.
وهو من أهم أحاديث اللقطة لكونه يشتمل على مجموعة من المسائل.
وستلاحظ أن مفردات المسائل التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - تعتمد على هذا الحديث.
إذاً عرفنا الآن الدليل حيث نص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنها تعرف لمدة سنة ثم تملك بعد ذلك.
- يقول - رحمه الله -:
- إن أمن نفسه على ذلك.
بدأ بشروط القسم الثالث:
ـ فالشرط الأول: أن يأمن نفسه على اللقطة يعني: أن لا يخون فيها. فإن لم يأمن نفسه وظن أنه لو أخذها ملكها بلا تعريف حرم عليه الأخذ أصلاً وهذا بالإجماع.