ـ الشرط الثاني: أن يقوى على التعريف. أن يتمكن من التعريف. فإن ظن من نفسه أنه لا يستطيع أن يعرف هذه اللقطة إما لضعفه أو لفقره أو لانشغاله أو لأي سبب من الأسباب فإنه لا يجوز له ولو أمن نفسه عليها أن يأخذها إذ مالفائدة من أخذ اللقطة وهو بعلم من نفسه أنه لن يتمكن من التعريف بها.
فهذان شرطان لا يجوز الإلتقاط إلا بهما.
ثم لما بين المؤلف - رحمه الله - شرط إلتقاط اللقطة في القسم الثالث بين ماذا يترتب على من خالف والتقط مع عدم توفر الشروط.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإلاّ فهو كغاصب.
أي أن حكمه حكم الغاصب.
ويندرج تحت هذا مسألتان:
ـ الأولى: أنه يضمن هذه العين مطلقاً فرَّط أو لم يُفَرِّط. لأنا نعامله معاملة الغاصب وهذا حكم الغاصب.
ـ المسألة الثانية: أنه لو أخذها بنية الخيانة ثم عرفها تائباً أو غير تائب. فإنها لا تملك بعد السنة. لأن يده يد غصب.
إذاً: الحكم الثاني: أنه إذا أخذها ثم عرفها سواء عرفها بعد التوبة أو عرفها بدون توبة وإنما عرفها هكذا فإنها لا تملك. لأنه أخذها بغير إذن شرعي فلا يستحق التملك.
= والقول الثاني: في هذه المسألة الثانية: أنه إذا أخذها وعرفها فإنه يملك هذه العين.
واستدل أصحاب هذا القول على قولهم:
- بأن الشارع رتب ملك العين الملتقطة على التعريف فإذا وجد السبب وجد الحكم فما دام عرفها فهي ملك له.
والأقرب والله أعلم المذهب: فإذا عرفها ولم يجد صاحبها فإنه يدفعها إلى بيت المال إن تمكن وإن لم يتمكن فإنه يتصدق بها عن صاحبها ولا يملكها أبداً ما دام أخذها بنية الخيانة فإنه ليس من أهل التملك.
وإن كان القول الثاني فيه قوة من حيث التعليل إلا أنه يظهر لي أن المذهب أقوى.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ويعرف الجميع بالنداء.
أيك أنه يجب على ملتقط اللقطة أن يبدأ بالنداء فوراً وهو التعريف.
والدليل على هذا ظاهر:
- لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (عرفها). وهذا الأمر للوجوب. والأمر الذي للوجوب هو على الفور في أصح قولي الفقهاء.
إذاً: إذا كان الحديث أمر فهو للوجوب وعلى الفور. فيجب عليه أن يبادر بالتعريف.
وهذا معنى قول المؤلف - رحمه الله - هنا: (ويعرف الجميع بالنداء في مجامع الناس غير المساجد).