(إلاّ ببينة تشهد أنه ولد على فراشه): فإذا أتى ببينة تشهد أن هذا اللقيط ولد في فراشه صار ابناً له بكل الأحكام وأعطي إياه وانتسب له وصار كافراً في الحكم لأنه أثبت أنه ولده في الفراش. وهذا لا إشكال فيه.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن اعترف بالرق مع سبق مناف .. لم يقبل منه.
إذا اعترف اللقيط بالرق مع سبق مناف أو مع عدم سبق مناف على المذهب فقيد المؤلف - رحمه الله - لا مفهوم له فإنه لا يقبل منه.
استدل الحنابلة على هذا بدليلين:
- الدليل الأول: أن الطفل اللقيط لا يعرف رقه من حريته فكيف يزعم أنه حر فلا تقبل منه هذه الدعوى.
- الدليل الثاني: أن في دعواه الرق إسقاط لحقوق الله. فإن الرقيق لا يجب عليه أن يصلي الجماعة ولا يجب عليه ما يجب على الحر من أحكام عموماً.
ففي هذه الدعوى إسقاط لحق الله فلا يقبل منه.
= والقول الثاني: أنه إن ادعى الرق مع سبق مناف لم يقبل منه. وإن ادعى الرق بلا سبق مناف قبل منه.
وهذا قول عند الحنابلة.
وسبق المنافي: هو أن يتصرف تصرف الأحرار. كأن يبيع ويشتري ويزوج .. إلى آخره.
فإذا تصرف تصرف الأحرار صار هذا التصرف ينافي دعواه فلا يقبل.
والراجح المذهب أنه لا يقبل منه مع سبق مناف أو بلا سبق منافي.
- ثم قال - رحمه الله -:
- أو قال: ((إِنَّهُ كَافِرٌ)) لم يقبل منه.
إذا زعم أنه كافر لم يقبل منه. ثم إذا لم يقبل منه طلب منه التوبة فإن تاب وإلا قتل ردة.
- لأن الأصل فيه الإسلام.
- ولأن الأصل أن الحكم للدار وهو موجود في دار المسلمين.
فلا يقبل منه الزعم أنه كافر بل نقول: إما أن تعود أو تقتل ردة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن ادعاه جماعة: قدم ذو البينة.
يعني: إذا ادعى هذا اللقيط مجموعة من الناس فإن من يقدم بينة صحيحة معتبرة شرعاً يقدم على الباقين.
ومفهوم عبارة المؤلف - رحمه الله - سواء كان هذا المقدم مسلماً أو كافراً فإنه يقدم ولو كان الذي يعارضه مسلم.
= والقول الثاني: أنها تقدم البينة إذا كانوا جميعاً من المسلمين. وإذا كان بعضهم مسلماً وبعضهم كافراً فإن بينة الكافر ترد ويعطى اللقيط إلى المسلم.
والراجح إن شاء الله بلا إشكال أنه تقدم بينة صاحب البينة ولو كان كافراً.