لكن يشترط في الإذن أن يكون إذناً عاماً، أما الإذن الخاص أو المقيد فإنه لا يدل على التوقيف لكن الذي يدل هو الإذن العام.
فإذا وضعه وأذن للناس جميعاً أن يصلوا في هذه الأرض فقد أصبحت مسجداً وخرجت عن ملكه.
المثال الثاني:
قال - رحمه الله -:
أو مقبرة وأذن في الدفن فيها.
كذلك إذا أذن للناس أن يدفنوا في هذه الأرض فمن المعلوم أنه إذا كان الإذن عاماً فقد أخرج الأرض عن ملكه ووقفها في سبيل الله.
وجعل الأرض مقبرة في التوقيف أظهر منه في المسجد وإن كان في الكل هو توقيف لكن في المقبرة أظهر لأن الرجوع في المقبرة أصبح أشبه ما يكون بالمتعذر لأنها أصبحت مقابر لا يستطيع أن ينتفع منها بأي شيء فخرجت من ملكه وأصبحت وقفاً لله وفي سبيله.
فإذاً هذان مثالان بهذا الشرط وهو أن يأذن إذناً عاماً، ولعل مقصود الحنابلة بقولهم: (إذناً عاماً) يعني: أن تدل القرائن حقيقة على أنه أراد الوقف.
ففي يومنا هذا ربما يأذن إذناً عاماً ونعلم أنه لم يرد التوقيف، كما لو أذن في المصليات التي في العماير في الدور الأول أو في الدور الثاني هو لا يريد أن تخرج عن ملكه وإن كان أذن فيها إذناً عاماً.
فإذاً: الضابط ليس هو الإذن أو عدم الإذن وإنما الإذن مثال الضابط هو أن نعلم من خلال القرائن والأحوال أنه أراد إخراج هذه الأرض وتوقيفها في سبيل الله، فإذا علمنا من خلال القرائن هذا العلم فقد صارت وقفاً وخرجت عن ملكه.
قال - رحمه الله -:
وصريحه: وقفت وحبست وسبلت.
رجع - رحمه الله - إلى الكلام عن التوقيف بالقول، ولو أنه جعل الكلام عن الوقف بالقول مجموعاً مع قوله في أوله: (ويصح بالقول)، لكان أنسب وأسهل في الترتيب.
يقول - رحمه الله -: (وصريحه: وقفت وحبست وسبلت) هذه الألفاظ الثلاث: (وقفت وحبست وسبلت) ألفاظ صريحة.
والألفاظ الصريحة هي التي لا تقبل إلا معنى الوقف.
والدليل على أنها ألفاظ صريحة:
- أن هذه الألفاظ اعتبرت ألفاظاً صريحة في الشرع وفي العرف.
ولهذا نجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن شئت حبست أصلها).
فاعتبر التحبيس لفظاً صريحاً، هذه الألفاظ الثلاثة صريحة لا تحتاج إلى أي أمر إضافي في إثبات الحكم.