وذهب شيخ الإسلام إلى أنه يستحق أصحاب الطبقة الثانية نصيب والدهم، في الحقيقة لم أجد لا في قول الحنابلة ولا في قول شيخ الإسلام علة مقنعة، لا للقول هذا ولا للقول هذا, لم أجد من التعليلات وإلاّ المسألة ليس فيها أدلة ولا آثار حتى ليس فيها فتاوى للصحابة فيما أعلم، لا يوجد ما يبرر الأخذ بأيّ من القولين, فالحنابلة يستدلون بأنّ ظاهر لفظ الموقف باستخدامه حرف ثم, أنّ الطبقة الثانية لا تستحق إلاّ بعد انتهاء الطبقة الأولى، وأصحاب القول الثاني، يستدلون بأنه يبعد أن يكون قصد الموقف حجب أولاد ابنه المتوفى مع أنّ حاجتهم ستكون أكثر من حاجة غيرهم بسبب موت والدهم, كل هذه ليس فيها مقنع في الحقيقة, وإذا لم يكن في هذه الأدلة كلها مقنع فالأصل أنّ ثم للترتيب, فالطبقة الثانية لا يستحقون إلاّ بعد انتهاء الطبقة الأولى, ولهذا مسألة الأوقاف حساسة, وينبغي على الإنسان ويتأكد إذا أراد أن يوقف أن يبين الوقف بالتفصيل, فيقول هذا وقف على أولادي ثم على أولادهم, فإن مات أحدهم أيّ أحد الطبقة الأولى استحق أولاده نصيبه, بهذا ينتهي النزاع.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ونظر, وغير ذلك)
يعني للواقف أن يشرط شخصاً يكون هو الناظر على الوقف, سواء كان من المستحقين لغلة الوقف أومن خارج المستحقين لغلة الوقف, يعني سواء كان أجنبي أو من الموقوف عليهم، وذلك لأنّ صاحب أصل الوقف أحق بتعيين الناظر عليه هذا أولاً.
ثانياً: أنّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جعل الناظر على وقفه حفصة - رضي الله عنها - ثم أكابر آل عمر بعدها, فعيّن - رضي الله عنه - الناظر في الوقف, فدّل ذلك على أنّ شرط الناظر من حقوق الواقف.
ثم يقول (وغير ذلك) من الشروط: يعني أنه يجب أن نتبع جميع شروط الواقف ما لم تكن إثماً, فإذا أشترط ألاّ يدخل الوقف فاسق, يجب ألاّ يدخل الوقف فاسق, وإذا أشترط كما يصنعه بعض من يوقفون ألاّ يؤجّر خشية عليه من التلف, فيجب ألاّ يؤجّر, ولا يجوز أن يؤجر مع وجود الشرط بالمنع من التأجير.