فهذا الشرط ينافي المقصود الأساسي من الهبة.
والشرط المنافي للعقد يبطل العقد.
وهذا القول يتناسب مع مبدأ عام ذكرته للشافعي وهو: أنه يأخذ بالظواهر، فظاهر هذا العقد أنه هبة فيها عوض والهبة لا يمكن أن يكون فيها عوض.
نحن نقول: هذا الظاهر غير مقصود والمقصود هو أن يكون عقد معاوضة.
والراجح: مذهب الجماهير.
فهم من كلام المؤلف - رحمه الله - أيضاً أن الهبة التي يقصد منها الثواب بلا شرط لا يستحق صاحبها الثواب - عوضاً.
يعني: واحد وهب آخر وهو يريد بهذه الهبة ثواباً يعني: عوضاً لكنه لم يشترط في العقد فعند الحنابلة الواهب لا يستحق ثواباً وإنما الذي يستحق هو المشترط، ولهذا المؤلف - رحمه الله - يقول: فإن شرط فيها عوضاً.
= والقول الثاني: أنه إذا أهدى إلى من هو أعلى منه رتبة وقصد الثواب فهو على قصده ويلزم الموهوب إما أن يعطيه ما يرضيه أو أن يرد الهبة.
واستدلوا على هذا:
- بالأثر الصحيح الذي أخرجه الإمام مالك في الموطأ عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: (من وهب هبة يريد ثوابها فهو على هبته إن أرضي وإلا رجع فيها).
وبقوله - رضي الله عنه -: (أراد) التصريح بالحكم ...
((الأذان)).
والراجح إن شاء الله القول الثاني لوجود هذا الأثر عن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
ولا يصح: مجهولاً إلاّ ما تعذر علمه.
(ولا يصح مجهولاً) في الحقيقة يحتمل أن المؤلف - رحمه الله - يقصد بقوله: (ولا يصح مجهولاً) يعني: الثواب في هبة الثواب ........... (نقص يسير)) ..... أن مقصوده ولا يصح مجهولاً عني: ولا تصح الهبة المجهولة.
يرجح الاحتمال الأول: أن المؤلف - رحمه الله - إذا أراد أن يتكلم عن الهبة استخدم الضمير المؤنث ولاحظ بعد ذلك يقول: (وهي) (وتنعقد) (وتلزم) وهنا استخدم الضمير المذكر.
ويرجح الاحتمال الثاني وهو أنه يتكلم عن الهبة المجهولة أنه قال: (إلا ما تعذر علمه) وهذا القيد يتعلق بالهبة المجهولة لا بالثواب في هبة المعاوضة.
ولذلك لعل الأقرب أنه أراد الهبة المجهولة.
كما أنه يؤيد هذا الاحتمال أنه يبعد جداً أن يخلي الشيخ الباب من الكلام عن هبة المجهول لأنها مسألة مهمة.