للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرس: (٤) من الوقف

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وتنعقد بالإيجاب والقبول والمعاطاة الدالة عليها)

الأمر الأول: أنّ الهبة تنعقد بصيغتين قولية وفعلية, أما القولية فبالإجماع تنعقد بها الهبة ولا إشكال فيها، وأما القولية تنعقد بها أيضاً الهبة عند جمهور أهل العلم, واستدلوا على هذا بأنّ - صلى الله عليه وسلم - كان يهدي ويهدى، وكان يرسل السعاة فيأخذوا الصدقات ويقبضوها وكل ذلك يتم بلا قول, فهذا دليل على أنّ الهبة تنعقد بالصيغة العملية بلا قول.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وتنعقد)

هذه الجملة أفادت الفائدة الثانية, وهي أنّ الهبة تملك بمجرد العقد ولو قبل القبض, ولا تحتاج إلى قبض, ولكنها كما سيأتينا لا تلزم إلاّ بالقبض.

والقول الثاني: أنّ الهبة لا تملك إلاّ بالقبض.

والقول الثالث: أنّ الهبة تملك بالعقد قبل القبض, ولكنه ملكاً مراعى, فإن قبض تبيّن أنه ملكه وإلاّ فلا, وينبني على هذه المسألة فروع كثيرة جداً, ذكرها الشيخ ابن رجب في القواعد, من أهم هذه الفروع فرعان:

الفرع الأول: ينبني على الخلاف في هذه المسألة جواز التصرف أو عدمه، فإن قلنا أنها تملك بالعقد قبل القبض جاز التصرف قبل القبض, لأنها من أملاكه وللإنسان أن يتصرف في ملكه كيف يشاء.

الفرع الثاني: الذي ينبني على هذه المسألة, هو أنها تكون مملوكة من حين العقد, ويترتب على هذا أنّ له النماء المتصل والمنفصل وهذه ثمرة مهمة للخلاف في هذه المسألة, الحنابلة يرون أنها تملك بمجرد العقد كما تقدم معنا.

في الحقيقة ليس في المسألة أدلة واضحة, يمكن أن يرجح الإنسان بناء عليها, ولهذا نقول نبقى مع مذهب الحنابلة وهو مذهب الإمام أحمد أنها تملك بالعقد, ويكون التفريع على هذا القول.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وتلزم بالقبض بإذن واهب)

أي أنّ الهبة وإن كانت تملك بالعقد إلا أنها لا تلزم إلا بالقبض, وإلى هذا ذهب الحنابلة، أنّ الهبة لا تملك إلا بالقبض واستدلوا بدليلين:

<<  <  ج: ص:  >  >>