المسألة الثالثة: جواز تملك الأب من مال الابن.
فبهذا تنضبط إن شاء الله معنا المسألة, لأنّ بعض الفقهاء قد يرّجح أنّ الأم كالأب في بعض هذه المسائل دون بعض، لكن الأقرب إن شاء الله, أنها كالأب في جميع المسائل، وبهذا تنضبط وتتضح معنا مسائل الهبة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(من مال ولده مالا يضره ولا يحتاجه)
ظاهر عبارة المؤلف أنّ مالا يضره غير مالا يحتاجه, أنّ مالا يحتاجه شيء ومالا يضره شيء آخر, وفي الحقيقة أنّ عبارة الفقهاء ومنهم الحنابلة تدّل على أنّ الشرط هو واحد, وهذا الشرط هو أن لا يتملك من مال ابنه ما يضره, ومن أمثلة الضرر أن يتملك ما يحتاجه.
إذاً الواقع أنّ الشرط هو واحد, ولو قال الشيخ أن لا يتملك ما يضره كالمال الذي يحتاجه لكان أوضح، من أمثلة ما يضره أن يتملك الأب رأس مال الابن الذي أعدّه للتجارة, إذا لم يكن عند هذا الابن إلاّ رأس المال هذا ليتاجر به لنفقته، فإنه لا يجوز للأب أن يتملك مثل هذا المال, كذلك لا يجوز له أن يتملك ما تعلّق به حقوق للابن, كالرهن, والديون التي في الذمم، مثل هذه الأمور لا يجوز للأب أن يتعرض لها, الرهون ونحوها.
والقاعدة العامة التي تضبط معنا المسألة, والأمثلة كثيرة, هي أن لا يتملك من مال ابنه ما يضر الابن, من ذلك مثلاً لا يجوز أن يتملك الأمة التي تسرّاها الابن, وإن كانت الأمة ليست زوجة, لكن مع ذلك لاشك أنّ تملك الأب لهذه الأمة يضّر بالابن, إذاً الأمثلة كثيرة لكن الضابط هو أن لا يتملك ما يضرّ الابن.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(فإن تصّرف في ماله ولو فيما وهبه له ببيع, أو عتق ,أو إبراء, أو أراد أخذه قبل رجوعه, أو تملكِهِ بقول, أو نيةٍ وقبض معتبرٍ لم يصح بل بعده)
خلاصة هذا البحث أنه لا يجوز للأب أن يتصرف في مال الابن, ولو فيما وهبه إياه إلاّ بعد القبض, ويشترط في هذا القبض, أن يكون مع نية أو قول, أما قبل القبض فإنه لا يجوز للأب أن يتصرف في مال الابن، التعليل: قالوا أنّ مال الابن قبل القبض, مال مملوك للابن ملكاً تاماً, فلا يتسلط الأب على التصرف في مال ابنه, وهذا صحيح فإذاً نقول للأب يشترط لتتصرف في مال الابن, ماذا؟ أن تقبضه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ: