وهذا المثال الذي وقفت عليه بنفسي ينبئك عن أنه في بعض الأمراض أنه يشترط أن يشهد اثنان من الأطباء أو ثلاثة حتى نتأكد أن تصرفات هذا المريض فعلاً تحمل على تصرفات المريض مرضاً مخوفاً، ولا أظن أن هذا المثال الذي ذكرت وحيد بل له أشباه ونظائر كثيرة.
لذلك نقول إذا كان المرض من الأمراض التي تختلف فيها وجهات النظر أو من الأمراض التي يسارع الأطباء بالبحث عن علاج لها وقد يكتشف في مكان لا يعلمه الطبيب الآخر حينئذ لابد من استشارة أكثر من طبيب حتى نحكم على تصرفاته المالية بأنها تصرفات مريض مريضاً مخوفاً.
يقول - رحمه الله -:
مسلمان.
يعني: يشترط في الطبيب أن يكون من المسلمين ليكون عدلاً تقبل هذه الشهادة منه.
= والقول الثاني: أنه لا يشترط إلا أن يكون ثقة عدلاً حاذقاً ولو لم يكن من المسلمين.
بدليل:
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ في الهجرة دليلاً من غير المسلمين، فهذا يدل على جواز الاعتماد على قول الكافر الثقة.
وأظن أن هذا الخلاف اليوم محسوم عملياً فإن اليوم الاعتماد على خبر الطبيب غير المسلم هو عمل الناس.
لاسيما وأنه يوجد عدداً من الأطباء غير المسلمين يكون عنده من الحذق والمعرفة والخبرة ما لا يوجد عند بعض المسلمين، فلذلك استقر العمل الآن على قبول شهادته وقوله وهذا هو الأقرب إن شاء الله.
يقول - رحمه الله -:
ومن وقع الطاعون ببلده، ومن أخذها الطلق ...
انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى نوع آخر من الأشخاص الذين يحكم على تصرفاتهم بأنها تصرفات المريض مرضاً مخوفاً، إلا أنهم ليسوا بمرضى.
فهم في حكم المريض مرضاً مخوفاً، ولو لاحظت فستجد أن من وقع في بلده الطاعون ومن أخذها الطلق ليست مريضة وليس مريضاً هو بحد ذاته ليس مريضاً.
وألحقوا بهذين المثالين:
ـ من حكم عليه بالقصاص، فإنه ليس مريضاً ولكنه يشبه المريض مرضاً مخوفاً.
ـ وألحقوا به: المقاتل عند التحام الصفين مع التساوي.
ـ وألحقوا به: من سقط من شاهق يموت منه غالباً.
وإذا تأملت فستجد أمثلة كثيرة لهذه الأشياء التي ذكرها الحنابلة.
دليل الحنابلة في إلحاق هذه الأشياء بمرض الموت: