- قالوا: أن الموت والعطب بهذه الأشياء أكثر منه في المريض مرضاً مخوفاً فهي أولى بالحكم.
هذا الدليل لجملة الأشياء التي ذكرت وهي أمثلة ثلاثة أو أربعة.
لكن في المسألة خلاف نأخذ المسائل التي ذكرها المؤلف - رحمه الله -:
الأولى:
قال - رحمه الله -:
ومن وقع الطاعون ببلده.
ذكرنا أن مذهب الحنابلة أن حكمه حكم المريض مرضاً مخوفاً وذكرنا تعليلهم.
= والقول الثاني: أن تصرفاته كتصرفات الصحيح.
- لأنه ليس بمريض بل صحيح معافى.
- ولأن الطاعون أصاب الشام في عهد الصحابة ولم ينقل أنهم أمروا من في الشام بأن لا يتصرفوا إلا كما يتصرف المريض مرضاً مخوفاً.
والراجح بلا إشكال إن شاء الله الثاني.
المسألة الثانية:
قال - رحمه الله -:
ومن أخذها الطلق.
إذا أخذ المرأة الطلق فعرفنا مذهب الحنابلة ودليلهم.
= القول الثاني: أن تصرفاتها كتصرفات الصحيح، فلو تبرعت وهي تلد فتبرعها صحيح.
والسبب في ذلك:
- أن الغالب على من أخذها الطلق السلامة وليس الموت فإلحاقها بالمريض مرضاً مخوفاً فيه نظر ظاهر.
وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله.
يبقى بعض المسائل في الحقيقة من الأمثلة التي ذكرت قد تكون أقوى من الأمثلة التي ذكرها المؤلف - رحمه الله -.
ـ فالإنسان إذا قدم للقصاص:
= فمن الفقهاء كالحنابلة من ألحقه بالمريض مرضاً مخوفاً.
= ومنهم من قال: بل ربما عفا من له الحق في العفو قبل تنفيذ القصاص ولهذا فنعتبر تصرفاته تصرفات الصحيح.
وفي الحقيقة المسألة هذه محتملة [ويغلب - ويقرب] عندي أنه إذا قدم للقصاص فتصرفاته كتصرفات المريض، أما وهو في الحبس وينتظر القصاص فهذا تصرفاته تصرفات الصحيح لأن الأمل في العفو كبير.
ـ بالنسبة لمن سقط من شاهق يغلب على الظن أنه يموت فتصرفاته وهو ساقط كتصرفات المريض مرضاً مخوفاً. بل هو أولى من المريض مرضاً مخوفاً لأن نسبة الموت من السقوط من شاهق مرتفع جداً تقرب من التسع وتسعين بالمائة، ولا ينجو إلا شيء مخالف للعادة.
إذاً: الأمثلة التي ذكرها الفقهاء تختلف قوة وضعفاً.
فالأمثلة التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - ضعيفة وبعد الأمثلة التي ذكرت القول بأنها تلحق بمرض الموت قول وجيه وقوي.