ما ذكر المؤلف - رحمه الله - حدود مرض الخوف وأمثلته وضوابطه ذكر الحكم:
فقال - رحمه الله -:
لا يلزم تبرعه لوارث بشيء ولا بما فوق الثلث: إلاّ بإجازة الورثة لها إن مات منه.
هذا الخلاصة والأهم.
وهي أن صرفات المريض مرضاً مخوفاً حكمها حكم الوصية فلا تنفذ للوارث ولا بأكثر من الثلث للأجنبي.
فنعامل تصرفات المريض مرضاً مخوفاً كما نعامل وصيته تماماً حكمها حكم الوصية.
وهذا كمعنى قول المؤلف - رحمه الله -: (لا يلزم تبرعه لوارث بشيء).
وقوله: (ولا بما فوق الثلث: إلاّ بإجازة الورثة لها) أي: أن حكمها حكم الوصية.
وسيأتي في الوصية تفصيل هذين الحكمين.
والذي يعنينا الآن أن تصرفات المريض حكمها حكم الوصية.
وهذا في الحقيقة يحتاج إلى دليل لأن هذا الرجل مسلم عاقل حي كيف نحكم على تصرفاته بأنها ملغاة وأنها كتصرفاته في الوصية.
والجواب على هذا الإشكال:
أن هناك في الشرع أدلة واضحة وقوية تدل على هذا الحكم.
- الدليل الأول: والأقوى: أن رجلاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يملك ستة أعبد فأعتقهم في مرضه المخوف فاستدعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وجزأهم فأعتق اثنين وأرق أربعه، وذلك بالقرعة.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - تعامل مع تصرف هذا المريض كما يتعامل مع الوصية أنفذ الثلث ورد الباقي. وهذا الدليل في الصحيح وهو في الحقيقة عمدة المسألة.
- الدليل الثاني: الذي يذكره الفقهاء كثيراً هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تصدق عليكم عند موتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم) هذا الحديث فيه ضعف لكن له شواهد كثيرة.
ويقوى بالحديث السابق فهو إن شاء الله صالح للاستدلال فهذان دليلان واضحان على هذا الحكم المهم الذي يتعلق بتصرفات المريض مرضاً مخوفاً.
يقول - رحمه الله -:
إذا مات منه وإن عوفي فكصحيح.
يعني أن هذا الحكم إنما هو إذا استمر به المرض إلى أن مات فحكمه حكم الوصية.
أما إذا عوفي ولو كان أصيب بمرض مخوفٍ بالإجماع ثم عوفي فإن تصرفاته تكون صحيحة وتكون من رأس المال لا من الثلث.
وذلك: - لأن تصرفه لم يصادف مانعاً شرعياً فصح ولزم.