للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- الدليل الثاني: الحديث الذي تقدم معنا: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده). فهذان دليلان على السنية.

- وأما الدليل على عدم الوجوب فهو: - أن غالب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوصوا.

وعلى هذا جماهير الفقهاء.

= والقول الثاني: أن الوصية للأقرباء غير الوارثين واجبة.

واستدلوا على هذا:

- بأن الآية أمرت بالوصية وعبرت عن ذلك بكتب والمنسوخ في الآية ليس الوجوب وإنما الوصية للوارثين فيبقى ما عداهم على أصل الوجوب.

ورجحوا هذا بأن النسخ لا يصار إليه مع إمكانية الجمع كما درستم في أصول الفقه. لا يمكن أن نصير إلى النسخ مع إمكانية الجمع.

وهنا نستطيع أن نجمع بين النصوص التي فيها الحث على الوصية والأمر بها وبين الآية بأن المنسوخ ما يكون في حق الورثة لاسيما مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا وصية لوارث).

والراجح: أن الوصية سنة بلا إشكال ولا تردد وذلك أنه ما كان لنا أن نقول الوصية واجبة وغالب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوصوا كأنهم تركوا واجباً ومهما قيل من اعتذار عن هذا الدليل فليس بقوي ما دام أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سادت الخلق وأتقاهم وأورعهم وأفضلهم وأقربهم وأعرفهم بكتاب الله وسنة رسوله غالبهم لم يوصوا فلا مجال للقول بالوجوب.

ممن رجح القول بالوجوب: ابن عباس وابن جرير الطبري وهما ممن لا تخفى منزلتهما في العلم لكن مع ذلك نقول إن الراجح إن شاء الله مذهب الجماهير من أئمة المسلمين أخذاً بهذا الدليل.

يقول - رحمه الله -:

يسن لمن ترك خيراً وهو المال الكثير.

ذهب المؤلف - رحمه الله - إلى أنه لا تسن الوصية إلا لمن ترك مالاً كثيراً وهو مذهب الجماهير.

= والقول الثاني: أن الوصية تسن لمن ترك قليلاً أو كثيراً. يعني: مطلقاً.

وفسروا إن ترك خيراً يعني قالوا: مالاً.

والراجح مذهب الجماهير، وهو أنه تسن لمن ترك خيراً يعني: مالاً كثيراً.

لكن من قال بهذا القول من الفقهاء اختلفوا في حد الكثير. ما هو الكثير؟ على أقوال كثيرة: الراجح منها: أن الكثير هو ما يعتبر كثيراً عرفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>