للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: ويجوز أن يوصي الإنسان بجميع ماله إذا لم يكن له ورثه.

استدل الحنابلة على هذا بأمرين:

- الأمر الأول: أن الجواز صح عن ابن مسعود.

- الثاني: أن النهي عن الزيادة عن الثلث إنما هو لحق الورثة وهذا صريح تعليل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه منعه عن الزيادة عن الثلث وعلل ذلك بقوله: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء .. ).

فإذاً المنع لحق الورثة وهنا لا ورثة فجاز أن يوصي بجميع ماله.

= والقول الثاني: أنه لا يجوز أن يزيد عن الثلث ولو لم يكن وارث.

- لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الثلث والثلث كثير) ويكون الباقي لبيت المال.

وهذا القول الثاني ضعيف فيما يبدو لي والأقرب إن شاء القول الأول وهو المذهب.

وذلك لأثر ابن مسعود ولأن التعليل في النص واضح وجلي.

ثم قال - رحمه الله -:

وإن لم يف الثلث بالوصايا: فالنقص بالقسط.

يعني: وإن أوصى إلى أكثر من شخص ثم مات ووجدنا أن مجموع الوصايا يفوق الثلث الحقيقي للمال فإنه ينقص من نصيب كل واحد منهم بالقسط.

وطريقة التنقيص بالقسط هو أن ننسب الثلث الحقيقي إلى مجموع الوصايا التي أوصى بها ونعطي كل واحد من أصحاب الوصايا بقدر هذه النسبة مما أوصي إليه به.

مثاله/ إذا أوصى بمائة ألف لشخص ولآخر بخمسين ألف ولثالث بخمسين ألف كم مجموع الوصايا؟ مائتي ألف. ثم نظرنا فإذا ماله كله ثلاثمائة ألف فالثلث: مائة ألف. ننسب الثلث الحقيقي وهو في المثال مائة إلى مجموع الوصايا وهو مائتين. والنسبة بين المائة والمائتين كم؟ النصف. فكل واحد من أصحاب الوصايا الثلاث يأخذ نصف ما أوصي له به: فصاحب المائة يأخذ خمسين وصاحب الخمسين يأخذ نصفها.

هذه على طريقة التنقيص بالقسط وهذه الطريقة فيها من العدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه من أصحاب الوصايا.

ثم قال - رحمه الله -:

وإن أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث: صحت والعكس بالعكس.

أفاد المؤلف - رحمه الله - أن المعتبر في كونه وارثاً أو ليس بوارث هو: عند الموت.

فإذا أوصى لشخص وارث ثم عند الموت أصبح ليس من الوارثين صحت. والعكس: إذا أوصى لشخص لا يرث ثم أصبح عند موت الموصي يرث فإن الوصية تبطل.

الدليل على هذا من وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>