قوله: (بعد الموت) فيه إشارة إلى أن القبول أو الرد من الورثة لا يعتبر إلا بعد الموت فإن أجازوا أو ردوا قبل الموت فليس بشيء.
وهذا هو مذهب الحنابلة.
والعلة في ذلك:
- أنه قبل الموت لم يثبت لهم حق حتى يجيزوا أو يردوا، فلا عبرة بإجازتهم ولا بردهم، كما أن المرأة لو أسقطت حقها من المهر قبل العقد فإنه لا عبرة بإسقاطها لأن الحق لم يثبت لها.
= القول الثاني: أن إسقاطهم قبل الموت معتبر وصحيح.
- لأن هذا الحق لهم فإذا أسقطوه سقط.
= والقول الثالث: وسط بين القولين: وهو أنهم إن أسقطوه في حياته لكن في مرض الموت وإن أسقطوه في حياته في غير مرض الموت لم يصح ولم يعتبر.
وهذا القول ظاهر القوة وهو اختيار شيخ الإسلام وهو الأقرب إن شاء الله، ففيه الجمع بين القولين، فنقول: لا تصح إلا بعد الموت إلا إن كانت في مرض الموت المخوف.
ثم قال - رحمه الله -:
فتصح تنفيذاً.
يعني: ولا تعتبر هبة مبتدأة بل تعتبر من التنفيذ.
والسبب في ذلك:
- أن وصية الموصي صحيحة معتبرة إلا أنها متوقفة على إجازة الورثة فإذا أجازوا فقد أنفذوا تلك الوصية الصحيحة الموقوفة على إجازتهم.
وهذا هو مذهب الحنابلة.
ونحن نتكلم الآن عما إذا أوصى لوارث أو بأكثر من الثلث لأجنبي.
= القول الثاني: أنهم إذا أجازوا تعتبر هبة مبتدأة يشترط لها شروط الهبة وتأخذ حكم الهبة.
والراجح مذهب الحنابلة وهو أنها تعتبر إجازة وليست عطية مبتدأة.
ثم قال - رحمه الله -:
وتكره: وصية فقير وارثه محتاج.
يعني: ويكره أن يوصي إذا كان وارثه محتاج.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس).
- كما أن هذا الحكم ربما يفهم من قوله: (إن ترك خيراً). وتقدم معنا أن الصواب يعني: ترك مالاً كثيراً على اختلافهم في حد المال الكثير.
فإذاً يكره ولا يحرم أن يوصي إذا كان الورثة فقراء.
ثم قال - رحمه الله -:
وتجوز بالكل: لمن لا وارث له.