ثانياً: أن الوصية كلها شرعت رفقاً بالناس ومن الرفق بهم أن نجيز الوصية بمعدوم.
ومن هنا علمنا أنه يوجد فرق بين الوصية بالمعدوم والوصية إلى المعدوم، الوصية بالمعدوم صحيحة والوصية إلى المعدوم غير صحيحة.
يقول - رحمه الله -:
كبما يحمل حيوانه وشجرته، أبداً أو مدة معينة.
يجوز أن يوصي بما يحمل الحيوان أو الشجر إما مدة معينة كأن يقول ما تحمل به هذه النخل لمدة سنتين أو أبداً يقول كل ما تحمل هذه النخل من ثمر فهو لفلان.
إذاً يجوز هذا وهذا، وهذا معنى قوله:(أبداً أو مدة معينة).
ثم قال - رحمه الله -:
فإن لم يحصل منه شيء: بطلت الوصية.
يعني: فإن لم تحمل الشجرة أو الحيوان بطلت الوصية.
- لأنه تبين أنه أوصى بمعدوم فصادفت محلاً معدوماً فبطلت.
وهذا البطلان لا لبطلان الوصية بالمعدوم ولكن لأنه لم تصادف محلاً أصلاً فبطلت لهذا السبب.
ثم قال - رحمه الله -:
وتصح: بكلب صيد ونحوه.
يعني: لو أن المؤلف - رحمه الله - وضع قاعدة وقال: وتصح بكل ما يجوز أن ينتفع به ولو لم يكن مالاً شرعاً لكان أنفع.
إذاً تصح بكل ما ينتفع به أي: بما نفعه مباح ولو لم يكن من الأموال الشرعية: كالكلب المعلم والدهن المتنجس وجلد الميتة وغيرها من الأعيان التي يعتبرها الحنابلة من الأعيان التي يجوز الانتفاع بها وإن لم يجز بيعها ولا شراؤها فيجوز الوصية بها لأن الوصية تبرع وأمرها أهون من المعاوضات فجازت بكل ما يصح الانتفاع به.